للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويعني بقوله: أفاء الله عليك: الغنائم وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ يعني قرابته من جهة أبيه ومن جهة أمه، وكان له عليه الصلاة والسلام أعمام وعمات إخوة لأبيه، ولم يكن لأمه عليه الصلاة والسلام أخ ولا أخت، وإنما يعني بخاله وخالاته عشيرة أمه وهم بنو زهرة، ولذلك كانوا يقولون نحن أخوال رسول الله صلى الله عليه وسلم. فمن قال: إن المراد بقوله أحللنا لك أزواجك: من كانت في عصمته: فهو عطف عليهن، وإباحة لأن يتزوج قرابته زيادة على من كان في عصمته، ومن قال: إن المراد جميع النساء، فهو تجريد منهن على وجه التشريف بعد دخول هؤلاء في العموم اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ تخصيص تحرز به ممن لم يهاجر، كالطلقاء الذين أسلموا يوم فتح مكة وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ أباح الله له صلى الله عليه وسلم من وهبت له نفسها من النساء، واختلف هل وقع ذلك أم لا؟ فقال ابن عباس: لم تكن عند النبي صلى الله عليه وسلم امرأة إلا بنكاح أو ملك يمين، لا بهبة نفسها، ويؤيد هذا قراءة الجمهور إن وهبت بكسر الهمزة أي إن وقع، وقيل: قد وقع ذلك، وهو على هذا القول قرئ «١» أن وهبت بفتح الهمزة، واختلف على هذا القول فيمن هي التي وهبت نفسها فقيل: ميمونة بنت الحارث، وقيل زينب بنت خزيمة أم المساكين، وقيل: أم شريك الأنصارية، وقيل أم شريك العامرية.

خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أي هبة المرأة نفسها مزية خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم دون غيره، وانظر كيف رجع من الغيبة إلى الخطاب ليخص المخاطب وحده، وقيل: إن خالصة يرجع إلى كل ما تقدم، من النساء المباحات له صلى الله عليه وسلم، لأن سائر المؤمنين قصروا على أربع نسوة، وأبيح له عليه الصلاة والسلام أكثر من ذلك، ومذهب مالك أن النكاح بلفظ الهبة لا ينعقد بخلاف أبي حنيفة، وإعراب: خالصة مصدر أو حال أو صفة لامرأة قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ يعني أحكام النكاح من الصداق والوليّ والاقتصار على أربع وغير ذلك لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ يتعلق بالآية التي قبله أي: بينا أحكام النكاح لئلا يكون عليك حرج، أو لئلا يظن بك أنك فعلت ما لا يجوز، وقال الزمخشري: يتعلق بقوله خالصة لك

تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي «٢» إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ معنى ترجي تؤخر وتبعد، ومعنى: تؤوي تضم وتقرب. واختلف في المراد بهذا الإرجاء والإيواء، فقيل إن ذلك في القسمة بينهنّ: أي تكثر لمن شئت، وتقلل لمن شئت، وقيل: إنه في الطلاق أي تمسك


(١) . ذكر الطبري تلك القراءة وعزاها للحسن البصري.
(٢) . قرأ ورش عن نافع تووي بدون همز وقرأ الباقون: تؤوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>