للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلفهم عذاب الآخرة قالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ كان النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنون يحضون على الصدقات وإطعام المساكين فيجيبهم الكفار بهذا الجواب، وفي معناه قولان: أحدهما أنهم قالوا كيف نطعم المساكين ولو شاء الله أن يطعمهم لأطعمهم، ومن حرمهم الله نحن نحرمهم، وهذا كقولهم: كن مع الله على المدبر، والآخر أن قولهم رد على المؤمنين، وذلك أن المؤمنين كانوا يقولون: إن الأمور كلها بيد الله، فكأن الكفار يقولون لهم: لو كان كما تزعمون لأطعم الله هؤلاء فما بالكم تطلبون إطعامهم منا، ومقصدهم في الوجهين احتجاج لبخلهم، ومنعهم الصدقات واستهزاء بمن حضهم على الصدقات إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ مُبِينٍ يحتمل أن يكون من بقية كلامهم خطابا للمؤمنين، أو يكون من كلام الله خطابا للكافرين وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْوَعْدُ يعنون يوم القيامة أو نزول العذاب بهم ما يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً أي ما ينتظرون إلا صيحة واحدة، وهي النفخة الأولى في الصور وهي نفخة الصعق تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ أي يتكلمون في أمورهم وأصل يخصمون «١» يختصمون، ثم أدغم، وقرئ بفتح الخاء وبكسرها واختلاس حركتها فَلا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً أي لا يقدرون أن يوصوا بما لهم وما عليهم لسرعة الأمر وَلا إِلى أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ أي لا يستطيعون أن يرجعوا إلى منازلهم لسرعة الأمر.

وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذا هُمْ مِنَ الْأَجْداثِ إِلى رَبِّهِمْ يَنْسِلُونَ هذه النفخة الثانية وهي نفخة القيام من القبور، والأجداث هي القبور، وينسلون يسرعون المشي، وقيل: يخرجون قالُوا يا وَيْلَنا الويل منادى أو مصدر مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا المرقد يحتمل أن يكون اسم مصدر أو اسم مكان، قال أبيّ بن كعب ومجاهد: إن البشر ينامون نومة قبل الحشر، قال ابن عطية هذا غير صحيح الإسناد، وإنما الوجه في معنى قولهم: من مرقدنا: أنها استعارة وتشبيه به يعني أن قبورهم شبهت بالمضاجع، لكونهم فيها على هيئة الرقاد، وإن لم يكن رقاد في الحقيقة هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ هذا مبتدأ وما بعده خبر وقيل:

إن هذا صفة لمرقدنا وما وعد الرحمن مبتدأ محذوف الخبر وهذا ضعيف، ويحتمل أن يكون هذا الكلام من بقية كلامهم، أو من كلام الله أو الملائكة أو المؤمنين يقولونها للكفار على وجه التقريع إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً يعني النفخة الثانية وهي نفخة القيام.


(١) . فيها ثلاث قراءات: قرأ نافع يخصّمون وقرأ ورش: يخصّمون وعاصم: يخصّمون وقرأ حمزة: يخصمون.

<<  <  ج: ص:  >  >>