للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالُوا بَلْ لَمْ تَكُونُوا مُؤْمِنِينَ الضمير في قالوا للكبراء من الكفار، أو للشياطين والمعنى أنهم قالوا لأتباعهم: ليس الأمر كما ذكرتم، بل كفرتم باختياركم فَحَقَّ عَلَيْنا قَوْلُ رَبِّنا إِنَّا لَذائِقُونَ أي وجب العذاب علينا وعليكم، وإنا لذائقون: معمول القول وحذف معمول ذائقون تقديره، وجب القول بأنا ذائقو العذاب فَأَغْوَيْناكُمْ إِنَّا كُنَّا غاوِينَ أي دعوناكم إلى الغي، لأنا كنّا على غي فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ أي إن المتبوعين والأتباع مشتركون في عذاب النار يَقُولُونَ أَإِنَّا لَتارِكُوا آلِهَتِنا لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ الضمير في يقولون لكفار قريش، ويعنون بشاعر مجنون: محمد صلى الله عليه وسلم، فردّ الله عليهم بقوله: بَلْ جاءَ بِالْحَقِّ أي جاء بالتوحيد والإسلام، وهو الحق وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ الذين جاءوا قبله:

لأنه جاء بمثل ما جاءوا به، ويحتمل المعنى أن يكون صدقهم لأنهم أخبروا بنبوّته، فظهر صدقهم لما بعث عليه الصلاة والسلام.

إِلَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ استثناء منقطع بمعنى لكن، وقرئ مخلصين بفتح اللام وكسرها في كل موضع، وقد تقدّم تفسيره عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ السرر جمع سرير، وتقابلهم في بعض الأحيان للسرور بالأنس، وفي بعض الأحيان ينفرد كل واحد بقصره يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ الذين يطوفون عليهم الولدان، حسبما ورد في الآية الأخرى، والكأس الإناء الذي فيه خمر قاله ابن عباس، وقيل: الكأس إناء واسع الفم، ليس له مقبض، سواء كان فيه خمر أم لا، والمعين: الجاري الكثير، لأنه فعيل، والميم فيه أصلية، وقيل: هو مشتق من العين والميم زائدة، ووزنه مفعول لَذَّةٍ أي ذات لذة، فوصفها بالمصدر اتساعا لا فِيها غَوْلٌ الغول: اسم عام في الأذى والضير، ومنه يقال: غاله يغوله إذا أهلكه، وقيل: الغول وجع في البطن، وقيل:

صداع في الرأس، وإنما قدم المجرور هنا تعريضا بخمر الدنيا لأن الغول فيها وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ «١» أي لا يسكرون من خمر الجنة، ومنه النزيف، وهو السكران، وعن هنا سببية، كقولك فعلته عن أمرك، أي لا ينزفون بسبب شربها قاصِراتُ الطَّرْفِ معناه أنهن قصرن أعينهن على النظر إلى أزواجهن، فلا ينظرن إلى غيرهن عِينٌ جميع عيناء، وهي الكبيرة العينين


(١) . قرأ حمزة والكسائي: ينزفون: بكسر الزاي وقرأ الباقون بفتح الزاي.

<<  <  ج: ص:  >  >>