للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والفساد فيهم، وأكده بإن وبألا التي تقتضي الاستئناف وتنبيه المخاطب

قالُوا آمَنَّا كذبوا خوفا من المؤمنين خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ هم رؤساء الكفر، وقيل: شياطين الجن، وهو بعيد. وتعدّي خلا بإلى ضمن معنى مشوا وذهبوا أو ركنوا، وقيل: إلى بمعنى مع، أو بمعنى الباء وجه قولهم إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ بجملة اسمية مبالغة وتأكيد، بخلاف قولهم: آمنا، فإنه جاء بالفعل لضعف إيمانهم اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ فيه ثلاثة أقوال:

تسمية للعقوبة باسم الذنب: كقوله «ومكروا ومكر الله» وقيل: يملي لهم بدليل قوله:

«ويمدّهم» وقيل يفعل بهم في الآخرة ما يظهر لهم أنه استهزأ بهم كما جاء في سورة الحديد: ١٣ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً الآية وَيَمُدُّهُمْ يزيدهم، وقيل يملي لهم، وقد ذكروا يعمهون اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ عبارة عن تركهم الهدى مع تمكنهم منه ووقوعهم في الضلالة، فهو مجاز بديع فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ ترشيح للمجاز، لمّا ذكر الشر ذكر ما يتبعه من الربح والخسران، وإسناد عدم الربح إلى التجارة مجاز أيضا لأن الرابح أو الخاسر هو التاجر وَما كانُوا مُهْتَدِينَ في هذا الشراء، أو على الإطلاق. وقال الزمخشري: نفى الربح في قوله: فما ربحت، ونفى سلامة رأس المال في قوله: وما كانوا مهتدين مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ إن كان المثل هنا بمعنى حالهم وصفتهم فالكاف للتشبيه وإن كان المثل بمعنى التشبيه فالكاف زائدة اسْتَوْقَدَ أي أوقد، وقيل: طلب الوقود على الأصل في استفعل فَلَمَّا أَضاءَتْ إن تعدّى فما حوله مفعول به، وإن لم يتعدّ فما زائدة أو ظرفية ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ أي أذهبه، وهذه الجملة جواب لما محذوف تقديره: طفيت النار، وذهب الله بنورهم: جملة مستأنفة والضمير عائد على المنافقين، فعلى هذا يكون «الذي» على بابه من الإفراد، والأرجح أنه أعيد ضمير الجماعة لأنه لم يقصد بالذي: واحد بعينه إنما المقصود التشبيه بمن استوقد نارا سواء كان واحدا أو جماعة، ثم أعيد الضمير بالجمع ليطابق المشبه، لأنهم جماعة، فإن قيل: ما وجه تشبيه المنافقين بصاحب النار التي أضاءت ثم أظلمت؟ فالجواب من ثلاثة أوجه: أحدها: أن منفعتهم في الدنيا بدعوى الإيمان شبيه بالنور، وعذابهم في الآخرة شبيه بالظلمة بعده، والثاني: أن استخفاء كفرهم كالنور، وفضيحتهم كالظلمة، والثالث: أنّ ذلك فيمن آمن منهم ثم كفر، فإيمانه نور، وكفره بعده ظلمة، ويرجح هذا قوله: «ذلك بأنهم آمنوا ثم كفروا» فإن قيل: لم قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>