للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها زوجها بعد وحدتها الثاني: أن ثم لترتيب الأخبار لا لترتيب الوجود. الثالث: أنه يعني بقوله: خلقكم إخراج بني آدم من صلب أبيهم كالذر وذلك كان قبل خلقه حواء.

وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعامِ ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ يعني المذكورة في الأنعام من الضأن اثنين ومن المعز اثنين ومن البقر اثنين وسماها أزواجا لأن الذكر زوج الأنثى والأنثى زوج الذكر.

وأما أنزل ففيه ثلاثة أوجه: الأول أن الله خلق أول هذه الأزواج في السماء ثم أنزلها. الثاني أن معنى أنزل قضى وقسم، فالإنزال عبارة عن نزول أمره وقضائه. الثالث أنه أنزل المطر الذي ينبت به النبات الذي تعيش منه هذه الأنعام فعبّر بإنزالها عن إنزال أرزاقها وهذا بعيد خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ يعني أن الإنسان يكون نطفة ثم علقة ثم مضغة إلى أن يتم خلقه، ثم ينفخ فيه الروح فِي ظُلُماتٍ ثَلاثٍ هي البطن والرحم والمشيمة، وقيل: صلب الأب والرحم والمشيمة، والأول أرجح لقوله: بطون أمهاتكم ولم يذكر الصلب إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ أي لا يضره كفركم.

وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ تأول الأشعرية هذه الآية على وجهين: أحدها أن الرضا بمعنى الإرادة، ويعني بعباده من قضى الله له بالإيمان والوفاة عليه. فهو كقوله: إن عبادي ليس لك عليهم سلطان، والآخر أن الرضا غير الإرادة، والعباد على هذا العموم أي لا يرضى الكفر لأحد من البشر، وإن كان قد أراد أن يقع من بعضهم فهو لم يرضه دينا ولا شرعا. وأراده وقوعا ووجودا أما المعتزلة فإن الرضا عندهم بمعنى الإرادة والعباد على هذا على العموم جريا على قاعدتهم في القدر وأفعال العباد وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ هذا عموم، والشكر الحقيقي يتضمن الإيمان «١» وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ ذكر في الإسراء

وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ الآية: يراد بالإنسان هنا الكافر بدليل قوله: وجعل له أندادا، والقصد بهذه الآية عتاب وإقامة حجة، فالعتاب على الكفر وترك دعاء الله، وإقامة الحجة على الإنسان بدعائه إلى الله، في الشدائد، فإن قيل: لم قال هنا وإذا مسّ بالواو وقال بعدها فإذا مس بالفاء؟ فالجواب: أن الذي بالفاء مسبب عن قوله: اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة فجاء بفاء السببية قاله الزمخشري وهو بعيد ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ خوله أعطاه والنعمة هنا يحتمل أن يريد بها كشف الضر المذكور، أو أي نعمة كانت نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ يحتمل أن تكون ما مصدرية


(١) . قرأ ابن كثير وأبو عمرو والكسائي: يرضهو لكم. وقرأ الباقون يرضه.

<<  <  ج: ص:  >  >>