للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمملوك بينهم في أسوإ حال، وشبه من يوحد الله بمملوك لرجل واحد، فمعنى قوله سالما لرجل «١» أي خالصا له وقرئ سلما بغير ألف والمعنى واحد.

إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ في هذا وعد للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، ووعيد للكفار، فإنهم إذا ماتوا جميعا وصاروا إلى الله فاز من كان على الحق وهلك من كان على الباطل، وفيه أيضا إخبار بأنه صلى الله عليه وسلم سيموت، لئلا يختلف الناس في موته كما اختلفت الأمم في غيره. وقد جاء أنه لما مات صلى الله عليه وسلم أنكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه موته حتى احتج عليه أبو بكر الصديق بهذه الآية فرجع إليها تَخْتَصِمُونَ قيل: يعني الاختصام في الدماء، وقيل: في الحقوق والأظهر أنه اختصام النبي صلى الله عليه وسلم مع الكفار في تكذيبهم له، فيكون من تمام ما قبله. ويحتمل أن يكون على العموم في اختصام الخلائق فيما بينهم من المظالم وغيرها فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ المعنى لا أحد أظلم ممن كذب على الله ويريد بالكذب على الله هنا ما نسبوا إليه من الشركاء والأولاد وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ أي كذب بالإسلام والشريعة.

وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ قيل: الذي جاء بالصدق النبي صلى الله عليه وسلم، والذي صدّق به أبو بكر. وقيل: الذي جاء بالصدق جبريل، والذي صدق به محمد صلى الله عليه وسلم وقيل: الذي جاء بالصدق الأنبياء والذي صدق به المؤمنون، واختار ابن عطية أن يكون على العموم، وجعل الذي للجنس كأنه قال: الفريق الذي لأنه في مقابلة من كذب على الله وكذب بالصدق والمراد به العموم أَلَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ «٢» تقوية لقلب محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وإزالة للخوف الذي كان الكفار يخوفونه

وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ الآية احتجاج على التوحيد وردّ على المشركين هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ الآية «٣» رد على المشركين وبرهان على الوحدانية، روي أن سببها أن المشركين خوّفوا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من آلهتهم، فنزلت الآية


(١) . قرأ ابن كثير وأبو عمرو: سالما. وقرأ الباقون: سلما.
(٢) . قرأ حمزة والكسائي: بكاف عباده وقرأ الباقون: عبده.
(٣) . قرأ أبو عمرو وحده: كاشفات ضرّه وممسكات رحمته بالتنوين وقرأ الباقون بالإضافة.

<<  <  ج: ص:  >  >>