للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مبينة أنهم لا يقدرون على شيء، فإن قيل كاشفات وممسكات بالتأنيث؟ فالجواب أنها لا تعقل فعاملها معاملة المؤنثة، وأيضا ففي تأنيثها تحقير لها وتهكم بمن عبدها اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ تهديد ومسالمة منسوخة بالسيف بِالْحَقِّ ذكر في أول السورة «١» .

اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها هذه الآية اعتبار، ومعناها أن الله يتوفى النفوس على وجهين: أحدهما: وفاة كاملة حقيقية وهي الموت، والآخر: وفاة النوم، لأن النائم كالميت في كونه لا يبصر ولا يسمع ومنه قوله وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ [الإنعام: ٦٠] وتقديرها ويتوفى الأنفس التي لم تمت في منامها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى عَلَيْهَا الْمَوْتَ أي يمسك الأنفس التي قضى عليها بالموت الحقيقي، ومعنى إمساكها أنه لا يردها إلى الدنيا وَيُرْسِلُ الْأُخْرى إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى أي يرسل الأنفس النائمة، وإرسالها هو ردّها إلى الدنيا، والأجل المسمى هو أجل الموت الحقيقي، وقد تكلم الناس في النفس والروح وأكثروا القول في ذلك بالظن دون تحقيق، والصحيح أن هذا مما استأثر بعلمه الله لقوله قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي [الإسراء: ٨٥] أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعاءَ أم هنا بمعنى بل وهمزة الإنكار والشفعاء هم الأصنام وغيرها، لقولهم: هؤلاء شفعاؤنا عند الله [يونس: ١٨] قُلْ أَوَلَوْ كانُوا دخلت همزة الاستفهام على واو الحال تقديره: يشفعون وهم لا يملكون شيئا ولا يعقلون قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً أي هو مالكها، فلا يشفع أحد إليه إلا بإذنه، وفي هذا ردّ على الكفار في قولهم: إن الأصنام تشفع لهم وَإِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ الآية: معناها أن الكفار يكرهون توحيد الله ويحبون الإشراك به، ومعنى إشمأزت انقبضت من شدة الكراهية، وروي أن هذه الآية نزلت حين قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سورة النجم، فألقى الشيطان في أمنيته حسبما ذكرنا في الحج، فاستبشر الكفار بما ألقى الشيطان من تعظيم اللات والعزى، فلما أذهب الله ما ألقى الشيطان استكبروا واشمأزوا.


(١) . قرأ حمزة والكسائي: قضي عليها الموت. وقرأ الباقون: قضى عليها الموت.

<<  <  ج: ص:  >  >>