للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحد، ورجّح الزمخشري هذا لأنه أفخم الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ دليل على أن الإيمان خلاف العمل لعطفه عليه، خلافا لمن قال: الإيمان اعتقاد، وقول، وعمل، وفيه دليل على أن السعادة بالإيمان مع الأعمال، خلافا للمرجئة تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ أي تحت أشجارها وتحت مبانيها، وهي أنهار الماء واللبن والخمر والعسل وهكذا تفسيره وقع، وروي أن أنهار الجنة تجري في غير أخدود مِنْها مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقاً من الأولى: للغاية أو للتبعيض أو لبيان الجنس، ومن الثانية: لبيان الجنس، مِنْ قَبْلُ أي في الدنيا، بدليل قولهم: «إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين» [الطور: ٢٦] في الدنيا، فإن ثمر الجنة أجناس ثمر الدنيا، وإن كانت خيرا منها في المطعم والمنظر وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً أي يشبه ثمر الدنيا في جنسه، وقيل يشبه بعضه بعضا في المنظر ويختلف في المطعم، والضمير المجرور يعود على المرزوق الذي يدل عليه المعنى مُطَهَّرَةٌ من الحيض وسائر الأقذار، ويحتمل أن يريد طهارة الطيب وطيب الأخلاق لا يَسْتَحْيِي تأوّل قوم أن معناه لا يترك، لأنهم زعموا أنّ الحياء مستحيل على الله لأنه عندهم انكسار يمنع من الوقوع في أمر، وليس كذلك وإنما هو كرم وفضيلة تمنع من الوقوع فيما يعاب، ويردّ عليهم قوله صلّى الله عليه واله وسلّم: «إنّ الله حيي كريم يستحي من العبد إذا رفع إليه يديه أن يردّهما صفرا» «١» أَنْ يَضْرِبَ سبب الآية أنه لما ذكر في القرآن الذباب والنمل والعنكبوت، عاب الكفار على ذلك، وقيل: المثلين المتقدّمين في المنافقين تكلموا في ذلك فنزلت الآية ردّا عليهم «٢» مَثَلًا ما بَعُوضَةً إعراب بعوضة مفعول بيضرب، ومثلا حال، أو: مثلا مفعول، وبعوضة بدل منه أو عطف بيان، أو هما مفعولان بيضرب لأنها على هذا المعنى تتعدّى إلى مفعولين، وما صفة للنكرة أو زائدة فَما فَوْقَها في الكبر، وقيل: في الصغر، والأول أصح فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ لأنه لا يستحيل على الله أن يذكر ما شاء، ولأن ذكر تلك الأشياء فيه حكمة: وضرب أمثال، وبيان للناس، ولأنّ الصادق جاء بها من عند الله ماذا أَرادَ اللَّهُ لفظه الاستفهام، ومعناه الاستبعاد والاستهزاء والتكذيب، وفي إعراب ماذا: وجهان أن تكون ما مبتدأ، وذا خبره وهي موصولة، وأن تكون كلمة مركبة في موضع نصب على المفعول بأراد، ومثلا منصوب على الحال أو التمييز يُضِلُّ بِهِ من كلام الله جوابا للذين قالوا: ماذا أراد الله بهذا مثلا، وهو أيضا تفسير لما أراد الله


(١) . ذكره المناوي في التيسير وعزاه لأحمد وأبي داود والترمذي وابن ماجة وإسناده جيد عن سلمان الفارسي. [.....]
(٢) . في الكلام تشويش ولعل الصواب: سبب الآية أنه لما ذكر في القرآن الذباب والنمل والعنكبوت عاب الكفار على ذلك [وقالوا: ما بال العنكبوت والذباب يذكران] فنزلت الآية عليهم. راجع الطبري في تفسير الآية المذكورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>