للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ أي يطلبون من الله مغفرة ذنوبهم، والأسحار آخر الليل، وقد جاء في الحديث أن الله تعالى يقول في الثلث الآخر من الليل: من يستغفرني فأغفر له «١» ، وقيل: معنى يستغفرون: يصلون وهذا بعيد من اللفظ وَفِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ الحق هنا نوافل الصدقات، وقيل: المراد الزكاة وهذا بعيد لأن الآية مكية، وإنما فرضت الزكاة بالمدينة، وقيل: إن الآية منسوخة بالزكاة، وهذا لا يحتاج إليه لأن النسخ إنما يكون مع التعارض، ولا تعارض بين الزكاة والنوافل. وتسمية النوافل بالحق كقوله: حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ [البقرة: ٢٣٦] وإن كان غير واجب، وقال بعض العلماء:

حق سوى الزكاة. ورجحه ابن عطية. واختلف الناس في المحروم حتى قال الشعبي:

أعياني أن أعلم ما المحروم، وقيل: المحروم الذي ليس له في بيت المال سهم، وقيل الذي اجتيحت ثمرته، وقيل: الذي ماتت ماشيته، والمعنى الجامع لها أن المحروم هو الفقير المستور الحال وَفِي أَنْفُسِكُمْ إشارة إلى ما في خلقة الإنسان من الآيات والعبر، ولقد قال بعض العلماء فيه: إن فيه خمسة آلاف حكمة، وقال بعضهم: الإنسان نسخة مختصرة من العالم وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ وَما تُوعَدُونَ معنى: في السماء رزقكم: المطر، وقيل: القضاء والقدر، ويحتمل أن يكون ما توعدون من الوعد والوعيد والكل في السماء، ولذلك قيل: يعني الجنة والنار. وقيل: الخير والشر إِنَّهُ لَحَقٌّ هذا جواب القسم، والضمير لما تقدم من الآيات أو الرزق أو لما توعدون مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ أي حق مثل نطقكم لا يمكن الشك فيه، وما زائدة: وقرئ مثل بالنصب والرفع «٢» فالرفع صفة لحق، والنصب على الحال من حق أو من الضمير المستتر فيه، أو صفة لحق وبني لإضافته إلى مبني، أو لتركيبه مع ما فيصير نحو أينما وكلما.

هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ الْمُكْرَمِينَ المراد بالاستفهام في مثل هذا التفخيم والتهويل، وضيف إبراهيم هم الملائكة الذين جاءوا ليبشروه بالولد وبإهلاك قوم لوط، ووصفهم بالمكرمين لأنهم مكرمون عند الله، ولأن إبراهيم عليه السلام أكرمهم، لأنه خدمهم بنفسه وعجل لهم الضيافة، والعامل في إذ دخلوا على هذا: المكرمين، ويحتمل أن يكون العامل فيه محذوف تقديره: اذكر فَقالُوا سَلاماً نصب هذا لأنه في معنى الطلب


(١) . هو جزء من حديث النزول وهو من الصحيح المتفق عليه رواه أبو هريرة وأوله: ينزل الله تعالى كل ليلة ... إلخ راجع البخاري ج ٢ كتاب التجهد باب: ١٤ ص ٤٧.
(٢) . قرأ حمزة والكسائي وأبو بكر: لحق مثل بالضم والباقون: مثل بالفتح.

<<  <  ج: ص:  >  >>