للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حنيفة وإن عجز عن الكسوة دون النفقة ففي التطليق عليه قولان في المذهب فَحاسَبْناها حِساباً شَدِيداً أي حاسبنا أهلها قيل: يعني الحساب في الآخرة، وكذلك العذاب المذكور بعده، وقيل: يعني في الدنيا وهذا أرجح لأنه ذكر عذاب الآخرة بعد ذلك في قوله: أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذاباً شَدِيداً، أو لأن قوله: فَحاسَبْناها وَعَذَّبْناها بلفظ الماضي فهو حقيقة فيما وقع، مجاز فيما لم يقع فمعنى حاسبناها أي آخذناهم بذنوبهم ولم يغتفر لهم شيء من صغائرها، والعذاب هو عقابهم في الدنيا، والنكر هو الشديد الذي لم يعهد مثله.

قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً رَسُولًا «١» الذكر هنا هو القرآن، والرسول هو محمد صلى الله عليه وسلم، وإعراب رسولا مفعول بفعل مضمر تقديره: أرسل رسولا. وهذا الذي اختاره ابن عطية وهو أظهر الأقوال. وقيل: إن الذكر والرسول معا يراد بهما القرآن، والرسول على هذا بمعنى الرسالة. وقيل: إنهما يراد بهما القرآن على حذف مضاف تقديره ذكرا ذا رسول، وقيل: رسولا مفعول بالمصدر الذي هو الذكر. وقال الزمخشري: الرسول هو جبريل بدل من الذكر، لأنه نزل به أو سمى ذكرا لكثرة ذكره لله وهذا كله بعيد وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ لا خلاف أن السموات سبع، وأما الأرض فاختلف فيها فقيل: إنها سبع أرضين لظاهر هذه الآية ولقوله صلى الله عليه وسلم: من غصب شبرا من أرض طوقه يوم القيامة من سبع أرضين «٢» . وقيل:

إنما هي واحدة فقوله: مثلهن على القول الأول يعني به المماثلة في العدد، وعلى القول الثاني: يعني به المماثلة في عظم الجرم وكثرة العمار وغير ذلك، والأول أرجح يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ يحتمل أن يريد بالأمر الوحي أو أحكام الله وتقديره لخلقه.


(١) . في الآية [١١] قوله: يعمل صالحا يدخله جنات. قرأ نافع وابن عامر: ندخله جنات بالنون وقرأ الباقون: ويعمل صالحا يدخله جنات.
(٢) . الحديث ذكره في التيسير وأوله: من ظلم وعزاه للشيخين وأحمد عن عائشة وسعيد بن زيد. وهو في المسند ج ١ ص ١٨٧، وج ٦ ص ٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>