للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المراد أنها في أصلها من فضة وهي تشبه الزجاج في صفائها وشفيفها، وقيل: هي من زجاج، وجعلها من فضة على وجه التشبيه لشرف الفضة وبياضها، ومن قرأ قوارير بغير تنوين فهو على الأصل ومن نوّنه «١» فعلى ما ذكرنا في سلاسل

قَدَّرُوها تَقْدِيراً هذه صفة للقوارير والمعنى قدّروها على قدر الأكف أو على قدر ما يحتاجون من الشراب، قال مجاهد: هي لا تغيض ولا تفيض، وقيل: قدروها على حسب ما يشتهون، والضمير الفاعل في قدّروها يحتمل أن يكون للشاربين بها أو للطائفين بها مِزاجُها زَنْجَبِيلًا هو كما ذكرنا في مزاجها كافورا سَلْسَبِيلًا معناه سلسل منقاد الجرية، وقيل: سهل الانحدار في الحلق، يقال: شراب سلسل وسلسال وسلسبيل بمعنى واحد. وزيدت الباء في التركيب للمبالغة في سلاسته، فصارت الكلمة خماسية، وقيل: سل فعل أمر سبيلا مفعول به وهذا في غاية الضعف وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ ذكر في الواقعة لُؤْلُؤاً مَنْثُوراً شبههم باللؤلؤ في الحسن والبياض، وبالمنثور منه في كثرتهم وانتشارهم في القصور.

وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ مفعول رأيت محذوف ليكون الكلام على الإطلاق في كل ما يرى فيها، وثم ظرف مكان، وقال الفراء: تقديره إذا رأيت ما ثم فما مفعوله ثم حذفت، قال الزمخشري: وهذا خطاب لأن ثمّ صلة لما، ولا يجوز حذف الموصول وترك الصلة مُلْكاً كَبِيراً يعني كثرة ما أعطاهم الله، حتى إن أدنى أهل الجنة منزلة له مثل الدنيا وعشرة أمثاله معه، حسبما ورد في الحديث «٢» وقيل: أراد أن الملائكة تسلم عليهم، وتستأذن عليهم، فهم بذلك كالملوك عالِيَهُمْ «٣» بسكون الياء مبتدأ خبره ثِيابُ سُندُسٍ أي ما يعلوهم من الثياب ثياب سندس، وقرئ عاليهم بالنصب على الحال، من الضمير في يطوف عليهم أو في حسبتهم. وقال ابن عطية: العامل فيه لقّاهم أو جزاهم، وقال أيضا يجوز أن ينتصب على الظرف لأن معناه فوقاهم، وقد ذكرنا معنى السندس والإستبرق وقرئ خُضْرٌ بالخفض صفة لسندس وبالرفع صفة لثياب وَإِسْتَبْرَقٌ بالرفع عطف على ثياب، وبالخفض عطف على سندس وَحُلُّوا وزنه فعلوا معناه جعل لهم حلي أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ ذكرنا الأساور في الكهف، فإن قيل كيف قال هنا أساور من فضة، وفي موضع آخر أساور من


(١) . قرأ بالتنوين: قواريرا نافع وأبو بكر والكسائي. وقرأ الباقون: قوارير. لأنها ممنوعة من الصرف ما عدا ابن كثير فإنه قرأ الأولى بالتنوين لأنها رأس آية والثانية بدون تنوين على الأصل.
(٢) . الحديث رواه مسلم عن المغيرة بن شعبة وأوله: «إن موسى عليه السلام سأل ربه: ما أدنى أهل الجنة، منزلة؟ فقال: رجل يجيء بعد ما دخل أهل الجنة الجنة فيقال له: ادخل الجنة» . انظر الترغيب والترهيب ج ٤/ ص ٢٤٥.
(٣) . قرأ نافع وحمزة: عاليهم بكسر اللام وسكون الياء والباقون: عاليهم بفتح الياء.

<<  <  ج: ص:  >  >>