للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سورة الانفطار]

مكية وآياتها ١٩ نزلت بعد النازعات بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(سورة الإنفطار) إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ أي انشقت وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ أي سقطت من مواضعها وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ أي فرغت وقيل: فجر بعضها إلى بعض فاختلط وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ أي نبشت على الموتى الذين فيها، وقال الزمخشري: أصله من البعث والبحث فضمت إليها الراء والمعنى بحثت وأخرج موتاها عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ هذا هو الجواب ومعناه: علمت كل نفس جميع أعمالها، وقيل ما قدمت في حياتها وما أخرت مما تركته بعد موتها من سنّتها أو وصيّة أوصت بها، وأفردت النفس والمراد به العموم حسبما ذكرنا في التكوير.

يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ خطاب لجنس بني آدم ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ هذا توبيخ وعتاب معناه: أي شيء غرّك بربك حتى كفرت به أو عصيته، أو غفلت عنه فدخل في العتاب الكفار وعصاة المؤمنين، ومن يغفل عن الله في بعض الأحيان من الصالحين. وروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قرأ ما غرّك بربك الكريم فقال: غرّه جهله وقال عمر:

غرّه جهله وحمقه. وقرأ إنه كان ظلوما جهولا، وقيل: غرّه الشيطان المسلط عليه. وقيل:

غرّه ستر الله عليه وقيل: غرّه طمعه في عفو الله عنه. ولا تعارض بين هذه الأقوال لأن كل واحد منهما مما يغرّ الإنسان، إلا أن بعضها يغرّ قوما وبعضها يغر قوما آخرين فإن قيل: ما مناسبة وصفه بالكريم هنا للتوبيخ على الغرور؟ فالجواب أن الكريم ينبغي أن يعبد ويطاع شكرا لإحسانه ومقابلة لكرمه، ومن لم يفعل ذلك فقد كفر النعمة وأضاع الشكر الواجب فَعَدَلَكَ «١» بالتشديد والتخفيف أي عدل أعضاءك وجعلها متوازية فلم يجعل إحدى اليدين أطول من الأخرى، ولا إحدى العينين أكبر من الأخرى ولا إحداهما كحلاء


(١) . قرأ عاصم وحمزة والكسائي بالتخفيف والباقون بالتشديد. [.....]

<<  <  ج: ص:  >  >>