للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما دمت متمكنا منه لا آلو فيه جهداً. أو بدل من الإصلاح، أى: المقدار الذي استطعته منه.

ويجوز أن يكون على تقدير حذف المضاف على قولك: إلا الإصلاح إصلاح ما استطعت.

أو مفعول له كقوله:

ضَعِيفُ النِّكايِة أَعْدَاءَهُ «١»

أى ما أريد إلا أن أصلح ما استطعت إصلاحه من فاسدكم وَما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ وما كوني موفقاً لإصابة الحق فيما آتى وأذر، ووقوعه موافقاً لرضا الله إلا بمعونته وتأييده. والمعنى: أنه استوفق ربه في إمضاء الأمر على سننه، وطلب منه التأييد والإظهار على عدوّه، وفي ضمنه تهديد للكفار وحسم لأطماعهم فيه.

[سورة هود (١١) : الآيات ٨٩ الى ٩٠]

وَيا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صالِحٍ وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ (٨٩) وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ (٩٠)

«جرم» مثل كسب في تعديه إلى مفعول واحد، وإلى مفعولين تقول: جرم ذنباً وكسبه، وجرمته ذنباً وكسبته إياه، قال:

جَرِمَتْ فَزَارَةُ بَعْدَهَا أَنْ يَغْضَبُوا «٢»

ومنه قوله تعالى لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ أى لا يكسبنكم شقاقي إصابة العذاب.

وقرأ ابن كثير بضم الياء، من أجرمته ذنباً، إذا جعلته جار ما له، أى كاسباً، وهو منقول من جرم المتعدي إلى مفعول واحد، كما نقل: أكسبه المال، من كسب المال. وكما لا فرق بين كسبته مالا وأكسبته إياه، فكذلك لا فرق بين جرمته ذنباً وأجرمته إياه. والقراءتان مستويتان في المعنى لا تفاوت بينهما، إلا أن المشهورة أفصح لفظاً، كما إن كسبته مالا أفصح من أكسبته.


(١) .
ضعيف النكاية أعداءه … يخال الفرار يراخى الأجل
نكأ القرح نكأ بالهمز: جرحه بعد اند ماله، ونكى العدو نكاية: قتله وجرحه. وأعداءه: مفعول النكاية. وعمل المصدر المقرون بأل كما هنا نادر. يخال: أى يظن الهرب من العدو بطيل الأجل من جبنه.
(٢) .
ولقد طعنت أبا عيينة طعنة … جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا
لزيادة بن أسماء. ويقال: جرم ذنبا إذا اكتسبه. وجرم النخل: قطعه. وجرمته كذا: إذا أكسبته إياه او حملنه عليه. يقول: طعنت ذلك الرجل الفزاري طعنة قتلته. «جرمت فزارة» أى حق لها بعدها الغضب، أو اكتسبت فزارة بعدها الغضب فقط، واشتهر الرفع عنهم، لكن قال الجوهري «فزارة» مفعول أول، أى: أحقتهم الغضب، أو أكسبتهم إياه، أو حملتهم على أن يغضبوا بعدها، فهو على إسقاط الخافض.