للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[سورة يوسف (١٢) : آية ١٤]]

قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذاً لَخاسِرُونَ (١٤)

القسم محذوف تقديره: والله لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ واللام موطئة للقسم. وقوله إِنَّا إِذاً لَخاسِرُونَ جواب للقسم مجزئ عن جزاء الشرط، والواو في وَنَحْنُ عُصْبَةٌ واو الحال:

حلفوا له لئن كان ما خافه من خطفة الذئب أخاهم من بينهم- وحالهم أنهم عشرة رجال، بمثلهم تعصب الأمور وتكفى الخطوب- إنهم إذاً لقوم خاسرون، أى هالكون ضعفا وخوراً وعجزاً.

أو مستحقون أن يهلكوا لأنه لا غناء عندهم ولا جدوى في حياتهم. أو مستحقون لأن يدعى عليهم بالخسارة والدّمار، وأن يقال: خسرهم الله ودمّرهم حين أكل الذئب بعضهم وهم حاضرون.

وقيل: إن لم نقدر على حفظ بعضنا فقد هلكت مواشينا إذا وخسرناها. فإن قلت: قد اعتذر إليهم بعذرين، فلم أجابوا عن أحدهما دون الآخر؟ قلت: هو الذي كان يغيظهم ويذيقهم الأمرّين «١» فأعاروه آذاناً صما ولم يعبئوا به.

[[سورة يوسف (١٢) : آية ١٥]]

فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١٥)

أَنْ يَجْعَلُوهُ مفعول أَجْمَعُوا من قولك: أجمع الأمر وأزمعه فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ.

وقرئ: في غيابات الجب: قيل هو بئر بيت المقدس. وقيل: بأرض الأردنّ. وقيل: بين مصر ومدين. وقيل: على ثلاثة فراسخ من منزل يعقوب. وجواب «لما» محذوف. ومعناه: فعلوا به ما فعلوا من الأذى، فقد روى أنهم لما برزوا به إلى البرّية أظهروا له العداوة وأخذوا يهنونه ويضربونه، وكلما استغاث بواحد منهم لم يغثه إلا بالإهانة والضرب، حتى كادوا يقتلونه. فجعل يصيح: يا أبتاه، لو تعلم ما يصنع بابنك أولاد الإماء، فقال يهوذا: أما أعطيتمونى موثقاً ألا تقتلوه فلما أرادوا إلقاءه في الجب تعلق بثيابهم فنزعوها من يده، فتعلق بحائط البئر فربطوا يديه ونزعوا قميصه، فقال: يا إخوتاه، ردّوا علىّ قميصي أتوارى به، وإنما نزعوه ليلطخوه بالدم ويحتالوا به على أبيهم، فقالوا له: ادع الشمس والقمر والأحد عشر كوكبا تؤنسك، ودلوه في البئر، فلما بلغ نصفها ألقوه ليموت، وكان في البئر ماء فسقط فيه، ثم أوى إلى صخرة فقام عليها وهو يبكى، فنادوه فظنّ أنها رحمة أدركتهم، فأجابهم فأرادوا أن يرضخوه ليقتلوه فمنعهم يهوذا، وكان


(١) . قوله «ويذيقهم الأمرين» الأمرين- بنون الجمع-: الدواهي، كذا بهامش. وفي الصحاح: الأمران:
الفقر والهرم. وفيه أيضاً: الأمر: المصارين يجتمع فيها الفرث. قال الشاعر:
فلا تهد الأمر وما يليه … ولا تهدن معروق العظام
وقال أبو زيد: لقيت منه الأمرين، بنون الجمع: وهي الدواهي اه (ع)