للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ناقص العيار دَراهِمَ لا دنانير مَعْدُودَةٍ قليلة «١» تعدّ عدّاً ولا توزن، لأنهم كانوا لا يزنون إلا ما بلغ الأوقيه وهي الأربعون، ويعدّون ما دونها. وقيل للقليلة معدودة، لأنّ الكثيرة يمتنع من عدّها لكثرتها. وعن ابن عباس: كانت عشرين درهماً. وعن السدى:

اثنين وعشرين وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ ممن يرغب عما في يده فيبيعه بما طف من الثمن «٢» لأنهم التقطوه، والملتقط للشيء متهاون به لا يبالى بم باعه، ولأنه يخاف أن يعرض له مستحق ينتزعه من يده فيبيعه من أوّل مساوم بأوكس الثمن. ويجوز أن يكون معنى وَشَرَوْهُ واشتروه، يعنى الرفقة من إخوته وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ لأنهم اعتقدوا أنه آبق فخافوا أن يخطروا بما لهم فيه. ويروى أنّ إخوته اتبعوهم يقولون لهم: استوثقوا منه لا يأبق. وقوله فِيهِ ليس من صلة الزَّاهِدِينَ لأنّ الصلة لا تتقدّم على الموصول. ألا تراك لا تقول: وكانوا زيدا من الضاربين، وإنما هو بيان، كأنه قيل: في أى شيء زهدوا؟ فقال: زهدوا فيه.

[[سورة يوسف (١٢) : آية ٢١]]

وَقالَ الَّذِي اشْتَراهُ مِنْ مِصْرَ لامْرَأَتِهِ أَكْرِمِي مَثْواهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَكَذلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَاللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ (٢١)

الَّذِي اشْتَراهُ قيل هو قطفير أو أطفير، وهو العزيز الذي كان على خزائن مصر، والملك يومئذ الريان بن الوليد رجل من العماليق، وقد آمن بيوسف ومات في حياة يوسف، فملك بعده قابوس بن مصعب، فدعاه يوسف إلى الإسلام فأبى، واشتراه العزيز وهو ابن سبع عشرة سنة، وقام في منزله ثلاث عشرة سنة، واستوزره ريان بن الوليد وهو ابن ثلاثين سنة، وآتاه الله العلم والحكمة وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة، وتوفى وهو ابن مائة وعشرين سنة. وقيل: كان الملك في أيامه فرعون موسى، عاش أربعمائة سنة بدليل قوله وَلَقَدْ جاءَكُمْ يُوسُفُ مِنْ قَبْلُ بِالْبَيِّناتِ وقيل: فرعون موسى من أولاد فرعون يوسف. وقيل: اشتراه العزيز بعشرين ديناراً وزوجي نعل وثوبين أبيضين. وقيل: أدخلوه السوق يعرضونه فترافعوا في ثمنه، حتى بلغ ثمنه وزنه


(١) . قال محمود: «المعدودة كناية عن القليلة … الخ» قال أحمد: ومن التعبير عن القلة بالعدد: الدعوة المأثورة على الكفرة: «اللهم أحصهم عددا، واستأصلهم بددا ولا تبق منهم أحدا» فالمدعو به وإن كان إحصاؤهم عدداً في الظاهر، إلا أن هذا ليس مرادا لأن الله تعالى أحصى كل شيء عددا وأحاط به علما، فلا بد من مقصود وراء ذلك وهو لازم العدد وذلك القلة، فلما كان كل قليل معدودا وكل كثير غير معدود، دعى عليهم بالقلة وعبر عنها بلازمها وهو الإحصاء. والله أعلم.
(٢) . قوله «فيبيعه بماطف من الثمن» أى قل. وفي الصحاح: الطفيف القليل. (ع)