للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وادّعائكم البراءة منه قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ أى جزاء سرقته أخذ من وجد في رحله، وكان حكم السارق في آل يعقوب أن يسترقّ سنة، فلذلك استفتوا في جزائه.

وقولهم فَهُوَ جَزاؤُهُ تقرير للحكم، أى: فأخذ السارق نفسه وهو جزاؤه لا غير، كقولك:

حق زيد أن يكسى ويطعم وينعم عليه، فذلك حقه، أى: فهو حقه لتقرّر ما ذكرته من استحقاقه وتلزمه «١» ويجوز أن يكون جَزاؤُهُ مبتدأ، والجملة الشرطية كما هي خبره، على إقامة الظاهر فيها مقام المضمر. والأصل: جزاؤه من وجد في رحله فهو هو، فوضع الجزاء موضع هو، كما تقول لصاحبك: من أخو زيد؟ فيقول لك: أخوه من يقعد إلى جنبه، فهو هو، يرجع الضمير الأوّل إلى من، والثاني إلى الأخ، ثم تقول «فهو أخوه» مقيما للمظهر مقام المضمر. ويحتمل أن يكون جزاؤه خبر مبتدإ محذوف، أى: المسئول عنه جزاؤه، ثم أفتوا بقولهم: من وجد في رحله فهو جزاؤه، كما يقول: من يستفتى في جزاء صيد المحرم جزاء صيد المحرم، ثم يقول: وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ.

[[سورة يوسف (١٢) : آية ٧٦]]

فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ (٧٦)

فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قيل: قال لهم من وكل بهم: لا بدّ من تفتيش أوعيتكم، فانصرف بهم إلى يوسف، فبدأ بتفتيش أوعيتهم قبل وعاء بنيامين لنفى التهمة حتى بلغ وعاءه فقال:

ما أظنّ هذا أخذ شيئاً، فقالوا: والله لا تتركه حتى تنظر في رحله، فإنه أطيب لنفسك وأنفسنا، فاستخرجوه منه. وقرأ الحسن: وعاء أخيه، بضم الواو، وهي لغة. وقرأ سعيد ابن جبير: إعاء أخيه، بقلب الواو همزة. فإن قلت: لم ذكر ضمير الصواع مرّات ثم أنثه؟ قلت:

قالوا رجع بالتأنيث على السقاية، أو أنث الصواع لأنه يذكر ويؤنث، ولعلّ يوسف كان يسميه سقاية وعبيده صواعا، فقد وقع فيما يتصل به من الكلام سقاية، وفيما يتصل بهم منه صواعا كَذلِكَ كِدْنا مثل ذلك الكيد العظيم كدنا لِيُوسُفَ يعنى علمناه إياه وأوحينا به إليه ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ تفسير للكيد وبيان له، لأنه كان في دين ملك مصر، وما كان يحكم به في السارق أن يغرم مثلي ما أخذ، لا أن يلزم ويستعبد إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ


(١) . قوله «من استحقاقه وتلزمه. ويجوز أن يكون جزاؤه مبتدأ» سيذكر أن حكم السارق في دين ملك مصر:
أن يغرم مثلي ما أخذ، لا أن يلزم ويستعبد. (ع)