للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والتهاون برسالاتهم. ويجعلون له أرذل أموالهم ولأصنامهم أكرمها وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ مع ذلك أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى عند الله كقوله وَلَئِنْ رُجِعْتُ إِلى رَبِّي إِنَّ لِي عِنْدَهُ لَلْحُسْنى. وعن بعضهم أنه قال لرجل من ذوى اليسار: كيف تكون يوم القيامة إذا قال الله تعالى: هاتوا ما دفع إلى السلاطين وأعوانهم، فيؤتى بالدواب والثياب وأنواع الأموال الفاخرة. وإذا قال: هاتوا ما دفع إلىّ فيؤتى بالكسر والخرق ومالا يؤبه له، أما تستحيي من ذلك الموقف؟ وقرأ هذه الآية.

وعن مجاهد: أنّ لهم الحسنى، هو قول قريش: لنا البنون، وأن لهم الحسنى: بدل من الكذب.

وقرئ الْكَذِبَ جمع كذوب، صفة للألسنة مُفْرَطُونَ قرئ مفتوح الراء ومكسورها مخففاً ومشدّداً، فالمفتوح بمعنى مقدّمون إلى النار معجلون إليها، من أفرطت فلانا، وفرّطته في طلب الماء، إذا قدمته. وقيل. منسيون متروكون، من أفرطت فلانا خلفي إذا خلفته ونسيته.

والمكسور المخفف، من الإفراط في المعاصي. والمشدّد، من التفريط في الطاعات وما يلزمهم.

[[سورة النحل (١٦) : آية ٦٣]]

تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٦٣)

فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ حكاية الحال الماضية التي كان يزين لهم الشيطان أعمالهم فيها. أو فهو وليهم في الدنيا فجعل اليوم عبارة عن زمان الدنيا. ومعنى وَلِيُّهُمُ قرينهم وبئس القرين. أو يجعل فَهُوَ وَلِيُّهُمُ الْيَوْمَ حكاية للحال الآتية، وهي حال كونهم معذبين في النار، أى فهو ناصرهم اليوم لا ناصر لهم غيره، نفياً للناصر لهم على أبلغ الوجوه. ويجوز أن يرجع الضمير إلى مشركي قريش، أنه زين للكفار قبلهم أعمالهم، فهو ولى وهؤلاء، لأنهم منهم. ويجوز أن يكون على حذف المضاف، أى: فهو ولى أمثالهم اليوم.

[سورة النحل (١٦) : الآيات ٦٤ الى ٦٥]

وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلاَّ لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٦٤) وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (٦٥)

وَهُدىً وَرَحْمَةً معطوفان على محل لِتُبَيِّنَ إلا أنهما انتصبا على أنهما مفعول لهما، لأنهما فعلا الذي أنزل الكتاب. ودخل اللام على لتبين: لأنه فعل المخاطب لا فعل المنزل. وإنما ينتصب مفعولا له ما كان فعل فاعل الفعل المعلل. والذي اختلفوا فيه: البعث، لأنه كان فيهم من يؤمن به، ومنهم عبد المطلب، وأشياء من التحريم والتحليل والإنكار والإقرار لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ