للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تقديره: ومن ثمرات النخيل والأعناب ثمر تتخذون منه سكراً ورزقا حسناً، لأنهم يأكلون بعضها ويتخذون من بعضها السكر. فإن قلت: فإلام يرجع الضمير في منه إذا جعلته ظرفا مكرّراً؟

قلت: إلى المضاف المحذوف الذي هو العصير كما رجع في قوله تعالى أَوْ هُمْ قائِلُونَ إلى الأهل المحذوف، والسكر: الخمر، سميت بالمصدر من سكر سكراً وسكراً. نحو رشد رشداً ورشداً. قال:

وَجَاؤُنَا بهم سَكَرٌ عَلَيْنَا … فَأَجْلَى اليَوْمُ وَالسَّكْرَانُ صَاحِى «١»

وفيه وجهان: أحدهما أن تكون منسوخة. وممن قال بنسخها: الشعبي والنخعي. والثاني أن يجمع بين العتاب والمنة. وقيل: السكر النبيذ، وهو عصير العنب والزبيب والتمر إذا طبخ حتى يذهب ثلثاه، ثم يترك حتى يشتدّ، وهو حلال عند أبى حنيفة إلى حدّ السكر ويحتج بهذه الآية وبقوله صلى الله عليه وسلم «الخمر حرام لعينها والسكر من كل شراب» «٢» وبأخبار جمة. ولقد صنف شيخنا أبو على الجبائي قدّس الله روحه غير كتاب في تحليل النبيذ، فلما شيخ «٣» وأخذت منه السنّ العالية قيل له: لو شربت منه ما تتقوى به، فأبى. فقيل له: فقد صنفت في تحليله، فقال:

تناولته الدعارة «٤» فسمج في المروءة. وقيل: السكر الطعم «٥» وأنشد:

جَعَلْتُ أَعْرَاضَ الكِرَامِ سَكَرَا

أى تنقلت بأعراضهم «٦» . وقيل هو من الخمر، وإنه إذا ابترك «٧» في أعراض الناس، فكأنه تخمر بها. والرزق الحسن: الخل والرب والتمر والزبيب وغير ذلك. ويجوز أن يجعل السكر رزقاً حسناً، كأنه قيل: تتخذون منه ما هو سكر ورزق حسن.


(١) . تقدم شرح هذا الشاهد بهذا الجزء ص ٣٩٥ فراجعه إن شئت اه مصححه.
(٢) . أخرجه النسائي من حديث ابن عباس رضى الله عنهما مرفوعا. ورواه العقيلي من وجه آخر عن على مرفوعا. وفيه محمد بن الفرات الكوفي، وهو منكر الحديث.
(٣) . قوله «فلما شيخ وأخذت منه السن العالية» في الصحاح: شاخ الرجل يشيخ شيخا بالتحريك، وشيخ تشييخا: أى شاخ. (ع)
(٤) . قوله «فقال تناولته الدعارة» في الصحاح: الدعارة الفسق والخبث. (ع) [.....]
(٥) . قوله «وقيل السكر الطعم» في الصحاح: الطعم بالضم: الطعام. (ع)
(٦) . قوله «أى تنقلت بأعراضهم» في الصحاح: النقل بالضم ما ينتقل به على الشراب. (ع)
(٧) . قوله «وإنه إذا ابترك» في الصحاح: ابترك، أى أسرع في العدو وجد. (ع)