للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أصحابه ويراه الناس عازما على الخروج إلى الشام لحرصه على دخول الناس في دين «١» الله، فنزلت، فرجع. وقرئ: لا يلبثون. وفي قراءة أبىّ: لا يلبثوا على إعمال «إذا» . فإن قلت:

ما وجه القراءتين؟ قلت: أما الشائعة فقد عطف فيها الفعل على الفعل، وهو مرفوع لوقوعه خبر كاد، والفعل في خبر كاد واقع موقع الاسم. وأما قراءة أبىّ ففيها الجملة برأسها التي هي إذا لا يلبثوا، عطف على جملة قوله وَإِنْ كادُوا لَيَسْتَفِزُّونَكَ. وقرئ: خلافك «٢» . قال:

عفت الدّيار خلافهم فكأنّما … بسط الشّواطب بينهنّ حصيرا «٣»

أى بعدهم سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا يعنى أن كل قوم أخرجوا رسولهم من بين ظهرانيهم، فسنة الله أن يهلكهم، ونصبت نصب المصدر المؤكد، أى: سن الله ذلك سنة.

[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ٧٨ الى ٧٩]

أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً (٧٨) وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً (٧٩)

دلكت الشمس: غربت. وقيل: زالت. وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم «٤» : أتانى جبريل عليه السلام لدلوك الشمس حين زالت الشمس، فصلى بى الظهر. واشتقاقه من الدلك، لأن الإنسان يدلك عينه عند النظر إليها، فإن كان الدلوك الزوال فالآية جامعة للصلوات الخمس، وإن كان الغروب فقد خرجت منها الظهر والعصر. والغسق: الظلمة، وهو وقت صلاة العشاء وَقُرْآنَ الْفَجْرِ صلاة الفجر، سميت قرآنا وهو القراءة، لأنها ركن، كما سميت ركوعا وسجودا


(١) . لم أجده. وذكره السهيلي في الروض عن عبد المجيد بن بهرام بن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم «أن اليهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا أبا القاسم، إن كنت صادقا أنك نبى فالحق بالشام- فذكر نحوه، لكن قال: فغزا غزوة تبوك لا يريد إلا الشام. فلما بلغ تبوك أنزل الله تعالى- فذكره- وزاد: وأمره بالرجوع «وقال: فيها محياك ومماتك ومنها تبعث» .
(٢) . قوله «وقرئ خلافك» كانت القراءة التي سبق تفسيرها: خلفك. (ع)
(٣) . عفت: درست وهلكت، خلافهم: أى بعدهم. والشواطب: النساء يشققن شطب النخل: أى سعفه الأخضر، يعملنه حصيرا: بصف ديارهم بعدهم بدروسها وكثرة قمامتها لعدم كنسها.
(٤) . أخرجه البيهقي من طريق أيوب بن عتبة عن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عروة عن ابن مسعود قال «جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم حين دلكت الشمس- يعنى حين زالت- فقال: قم فصل: فقام فصلى الظهر» قال إسحاق في مسنده: حدثنا بشر بن عمر حدثنا سليمان بن بلال حدثنا يحيى بن سعيد حدثني أبو بكر بن حزم عن ابن مسعود قال جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: قم فصل. وذلك لدلوك الشمس حين مالت. فقام فصلى الظهر أربعا ومن هذا الوجه أخرجه ابن مردويه. وهذا منقطع.