للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اذكر، أو يخبروك. ومعنى إِذْ جاءَهُمْ إذ جاء آباءهم مَسْحُوراً سحرت فخولط عقلك.

[سورة الإسراء (١٧) : الآيات ١٠٢ الى ١٠٤]

قالَ لَقَدْ عَلِمْتَ ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ إِلاَّ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ بَصائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يا فِرْعَوْنُ مَثْبُوراً (١٠٢) فَأَرادَ أَنْ يَسْتَفِزَّهُمْ مِنَ الْأَرْضِ فَأَغْرَقْناهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعاً (١٠٣) وَقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً (١٠٤)

لَقَدْ عَلِمْتَ يا فرعون ما أَنْزَلَ هؤُلاءِ الآيات إلا الله عز وجل بَصائِرَ بينات مكشوفات، ولكنك معاند مكابر: ونحوه: وَجَحَدُوا بِها وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا وقرئ «علمت» بالضم، على معنى: إنى لست بمسحور كما وصفتني، بل أنا عالم بصحة الأمر.

وأنّ هذه الآيات منزلها رب السموات والأرض. ثم قارع ظنه بطنه، كأنه قال: إن ظننتني مسحورا فأنا أظنك مَثْبُوراً هالكا، وظنى أصح من ظنك، لأن له أمارة ظاهرة وهي إنكارك ما عرفت صحته، ومكابرتك لآيات الله بعد وضوحها. وأما ظنك فكذب بحت، لأن قولك مع علمك بصحة أمرى، إنى لأظنك مسحورا قول كذاب. وقال الفرّاء: مَثْبُوراً مصروفا عن الخير مطبوعا على قلبك، من قولهم: ما ثبرك عن هذا؟ أى: ما منعك وصرفك؟

وقرأ أبىّ بن كعب: وإن إخالك يا فرعون لمثبورا، على: إن المخففة واللام الفارقة فَأَرادَ فرعون أن يستخف موسى وقومه من أرض مصر ويخرجهم منها، أو ينفيهم عن ظهر الأرض بالقتل والاستئصال، فحاق به مكره بأن استفزه الله بإغراقه مع قبطه اسْكُنُوا الْأَرْضَ التي أراد فرعون أن يستفزكم منها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ يعنى قيام الساعة جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً جمعا مختلطين إياكم وإياهم، ثم يحكم بينكم ويميز بين سعدائكم وأشقيائكم: واللفيف: الجماعات من قبائل شتى.

[[سورة الإسراء (١٧) : آية ١٠٥]]

وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَما أَرْسَلْناكَ إِلاَّ مُبَشِّراً وَنَذِيراً (١٠٥)

وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وما أنزلنا القرآن إلا بالحكمة المقتضية لإنزاله، وما نزل إلا ملتبسا بالحق والحكمة لاشتماله على الهداية إلى كل خير. أو ما أنزلناه من السماء إلا بالحق محفوظا بالرصد من الملائكة، وما نزل على الرسول إلا محفوظا بهم من تخليط الشياطين وَما أَرْسَلْناكَ إلا لتبشرهم بالجنة وتنذرهم من النار، ليس إليك وراء ذلك شيء، من إكراه على الدين أو نحو ذلك.

[[سورة الإسراء (١٧) : آية ١٠٦]]

وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلاً (١٠٦)