للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَعَمْرِى لَقَدْ أَعْطَيْتُ ضَيْفَكَ فَارِضاً … تُسَاقُ إلَيْهِ مَا تَقُومُ عَلَى رِجْلِ «١»

وكأنها سميت فارضا لأنها فرضت سنها أى قطعتها وبلغت آخرها. والبكر: الفتية.

والعوان النصف. قال:

نَوَاعِمُ بَيْنَ أَبْكَارٍ وَعُونِ «٢»

وقد عوّنت «٣» . فإن قلت: (بين) يقتضى شيئين فصاعدا «٤» فمن أين جاز دخوله على (ذلك) : قلت لأنه في معنى شيئين حيث وقع مشارا به إلى ما ذكر من الفارض والبكر. فإن قلت:

كيف جاز أن يشار به إلى مؤنثين، وإنما هو للإشارة إلى واحد مذكر؟ قلت: جاز ذلك على تأويل ما ذكر وما تقدّم، للاختصار في الكلام، كما جعلوا «فعل» نائبا عن أفعال جمة تذكر قبله: تقول للرجل: نعم ما فعلت، وقد ذكر لك أفعالا كثيرة وقصة طويلة، كما تقول له:

ما أحسن ذلك. وقد يجرى الضمير مجرى اسم الإشارة في هذا. قال أبو عبيدة قلت لرؤبة في قوله:

فِيهَا خُطُوطٌ مِنْ سَوَادٍ وَبَلَقْ … كَأَنَّهُ فِى الْجِلْدِ تَوْلِيعُ البَهَقْ «٥»


(١) . لخفاف بن ندبة يهجو العباس بن مرداس بالبخل. والفارض: الناقة المسنة تساق إليه، أى لا تركب، بل تحتاج إلى من يضربها ويسوقها من خلفها. لا تقوم على رجل: أى لا رجل لها قوية تعتمد عليها في قيامها. [.....]
(٢) .
ظعائن كنت أعهدهن قدما … وهن لدى الاقامة غير جون
حصان مواضع القب الأعالى … نواعم بين أبكار وعون
للطرماح. والظعائن النساء في الهوادج. والضعائن- بالضاد-: المطايا. والضغائن- بالغين-: جمع ضغينة، وهي الحقد والميل والاعوجاج. وضغنته: إذا أخذته في حضنك. وفرس ضاغن: لا يعطى ما عنده من الجري. وناقة ذات ضغن: أى حنين إلى وطنها. وامرأة ذات ضغن تحب غير زوجها. والجون- بالضم جمع جوناء أى سوداء.
والحصان- بالفتح-: المحصنة. والنقب: جمع نقاب، ككتب وكتاب. والعون أصله بضم الواو جمع عوان، وهي النصف- بفتحتين- أى الوسط من النساء والبهائم، فسكن تخفيفاً. يقول: تلك النساء ظعائن أى مسافرات غير لونهن السفر، وكنت أعهدهن في قديم الزمان حين الاقامة غير سود وهن محصنات الوجوه، وإذا حفظت حفظن كلهن عادة. والأعالى: صفة للنقب أو المواضع، وهذا لا يكون إلا في النساء كما ترى. وروى بعضهم «ضغائن» بدل «ظعائن» ولعله تحريف. وهن ناعمات، دائرات بين أبكار صغيرات وعون أواسط.
(٣) . قوله «وقد عونت» في الصحاح: وتقول منه عونت المرأة تعوينا، وعانت تعون عونا. (ع)
(٤) . قال محمود رحمه اللَّه: «فان قلت بين يقتضى شيئين … الخ» قال أحمد رحمه اللَّه: وقد مر نظير هذا عند قوله: (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا) فجدد به عهدا.
(٥) . لرؤبة بن العجاج يصف بقرة وحشية، وقيل فرساً، وقيل خيلا فيها لون السواد ولون البلق- أى البياض- ويروى: من بياض وباق فلعل البياض بياض يرهقه قترة، كأنه: أى ذلك المذكور أو المجتمع منهما، توليع البهق في الجلد. أو كأنه حال كونه في الجلد توليع البهق، أى تخطيطه من البياض المشوب بكدرة الناشئ من البهق، وهو داء يتغير منه لون الجلد. روى أن أبا عبيدة قال له: إن أردت الخطوط فقل: كأنها. وإن أردت السواد والبلق فقل: كأنهما. فقال أردت كأن ذاك، فقد أجرى الضمير مجرى اسم الاشارة في صحة الاشارة بالمفرد منه إلى المتعدد بتأويله بالمذكور ونحوه.