للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأصوات من شدة الفزع وخفتت «١» فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً وهو الركز الخفي. ومنه الحروف المهموسة. وقيل: هو من همس الإبل وهو صوت أخفافها إذا مشت، أى: لا تسمع إلا خفق الأقدام ونقلها إلى المحشر مَنْ يصلح أن يكون مرفوعا ومنصوبا، فالرفع على البدل من الشفاعة بتقدير حذف المضاف، أى: لا تنفع الشفاعة إلا شفاعة من أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ والنصب على المفعولية. ومعنى أذن له وَرَضِيَ لَهُ لأجله. أى: أذن للشافع ورضى قوله لأجله. ونحو هذه اللام اللام في قوله تعالى وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كانَ خَيْراً ما سَبَقُونا إِلَيْهِ.

[[سورة طه (٢٠) : آية ١١٠]]

يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً (١١٠)

أى يعلم ما تقدّمهم من الأحوال وما يستقبلونه، ولا يحيطون بمعلوماته علما.

[[سورة طه (٢٠) : آية ١١١]]

وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ وَقَدْ خابَ مَنْ حَمَلَ ظُلْماً (١١١)

المراد بالوجوه وجوه العصاة، وأنهم إذا عاينوا- يوم القيامة- الخيبة والشقوة وسوء الحساب، صارت وجوههم عانية، أى ذليلة خاشعة، مثل وجوه العناة وهم الأسارى. ونحوه قوله تعالى فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا، وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ. وقوله تعالى وَقَدْ خابَ وما بعده اعتراض، كقولك: خابوا وخسروا. وكلّ من ظلم فهو خائب خاسر.

[[سورة طه (٢٠) : آية ١١٢]]

وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلا يَخافُ ظُلْماً وَلا هَضْماً (١١٢)

الظلم: أن يأخذ من صاحبه فوق حقه. والهضم: أن يكسر من حق أخيه فلا يوفيه له، كصفة المطففين الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون ويسترجحون، وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون. أى: فلا يخاف جزاء ظلم ولا هضم، لأنه لم يظلم ولم يهضم. وقرئ: فلا يخف، على النهى.

[[سورة طه (٢٠) : آية ١١٣]]

وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ أَوْ يُحْدِثُ لَهُمْ ذِكْراً (١١٣)

وَكَذلِكَ عطف على كَذلِكَ نَقُصُّ أى: ومثل ذلك الإنزال، وكما أنزلنا عليك هؤلاء الآيات المضمنة للوعيد «٢» أنزلنا القرآن كله على هذه الوتيرة، مكرّرين فيه آيات الوعيد،


(١) . قوله «وخفتت» في الصحاح «خفت الصوت» سكن. (ع)
(٢) . قال محمود: «معناه وكما أنزلنا عليك هذه الآيات المضمنة للوعيد … الخ» قال أحمد: الصواب في تفسيرها:
ليكونوا على رجاء التقوى والتذكر، وإلا فلو أراد لله من جميعهم التقوى لوقعت. وقد تقدمت أمثالها. والعجب أنه نقل عن سيبويه في تفسير لعل أول هذه السورة عند قوله تعالى لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى أن معناه: كونا على رجائكما، ثم رجع عن ذلك هاهنا لأن المعتقد الفاسد يحذوه إلى هذا التأويل الباطل، والله الموفق.