للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[[سورة المؤمنون (٢٣) : آية ٥٣]]

فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (٥٣)

وقرئ زُبُراً جمع زبور، أى: كتبا مختلفة، يعنى: جعلوا دينهم أديانا، وزبرا قطعا:

استعيرت من زبر الفضة والحديد، وزبرا: مخففة الباء، كرسل في رسل، أى: كلّ فرقة من فرق هؤلاء المختلفين المتقطعين دينهم، فرح بباطله، مطمئنّ النفس، معتقد أنه على الحق.

[[سورة المؤمنون (٢٣) : آية ٥٤]]

فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (٥٤)

الغمرة. الماء الذي يغمر القامة فضربت مثلا لما هم مغمورون فيه من جهلهم وعمايتهم. أو شبهوا باللاعبين في غمرة الماء لما هم عليه من الباطل. قال:

كأنّنى ضارب في غمرة لعب «١»

وعن على رضى الله عنه: في غمراتهم حَتَّى حِينٍ إلى أن يقتلوا أو يموتوا.

[سورة المؤمنون (٢٣) : الآيات ٥٥ الى ٥٦]

أَيَحْسَبُونَ أَنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ (٥٥) نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ بَلْ لا يَشْعُرُونَ (٥٦)

سلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك، ونهى عن الاستعجال بعذابهم والجزع من تأخيره. وقرئ: يمدّهم. ويسارع، ويسرع، بالياء، والفاعل الله سبحانه وتعالى. ويجوز في:

يسارع، ويسرع: أن يتضمن ضمير الممدّ به. ويسارع، مبنيا للمفعول. والمعنى: أنّ هذا الإمداد ليس إلا استدراجا لهم إلى المعاصي، واستجرارا إلى زيادة الإثم، وهم يحسبونه مسارعة لهم في الخيرات، وفيما لهم فيه نفع وإكرام، ومعاجلة بالثواب قبل وقته. ويجوز أن يراد في جزاء الخيرات كما يفعل بأهل الخير من المسلمين. وبَلْ استدراك لقوله أَيَحْسَبُونَ يعنى:

بل هم أشباه البهائم لا فطنة بهم ولا شعور، حتى يتأملوا ويتفكروا في ذلك: أهو استدراج، أم مسارعة في الخير؟ فإن قلت: أين الراجع من خبر أنّ إلى اسمها إذا لم يستكنّ فيه ضميره؟

قلت: هو محذوف تقديره: نسارع به، ويسارع به، ويسارع الله به، كقوله إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ أى إن ذلك منه، وذلك لاستطالة الكلام مع أمن الإلباس.


(١) .
ليالي اللهو يطبينى فأتبعه … كأننى ضارب في غمرة لعب
لذي الرمة. وليالي: منصوب على الظرفية، واللهو: مبتدأ. وطباه يطبوه ويطيبه: إذا دعاه وجذبه. وطبي الناقة ثديها لجذبه عند الحلب. أى اللهو يدعوني في ليال كثيرة فأتبعه، كأنى سابح في لجة من الماء تغمر القامة، لعب فيها فهو خبر ثان. ويروى: لغب. بالمعجمة من اللغوب وهو المشقة. وقيل «ليالي» مضاف للجملة بعده، فهو ظرف لما قبله. وروى: اللهو بالجر. وتطبينى بالتاء، فالفاعل ضمير الليالي.