للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقرئ: ويرى فرعون وهامان وجنودهما، أى: يرون مِنْهُمْ ما حذروه: من ذهاب ملكهم وهلاكهم على يد مولود منهم.

[[سورة القصص (٢٨) : آية ٧]]

وَأَوْحَيْنا إِلى أُمِّ مُوسى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلا تَخافِي وَلا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ (٧)

اليم: البحر. قيل: هو نيل مصر. فإن قلت: ما المراد بالخوفين حتى أوجب أحدهما ونهى عن الآخر؟ قلت: أما الأوّل فالخوف عليه من القتل، لأنه كان إذا صاح خافت أن يسمع الجيران صوته فينموا عليه. وأما الثاني، فالخوف عليه من الغرق ومن الضياع ومن الوقوع في يد بعض العيون المبثوثة من قبل فرعون في تطلب الولدان، وغير ذلك من المخاوف. فإن قلت:

ما الفرق بين الخوف والحزن؟ قلت: الخوف غم يلحق الإنسان لمتوقع. والحزن: غم يلحقه لواقع وهو فراقه والإخطار به، فنهيت عنهما جميعا، وأو منت بالوحي إليها، ووعدت ما يسليها ويطامن قلبها ويملؤها غبطة وسرورا: وهو ردّه إليها وجعله من المرسلين. وروى: أنه ذبح في طلب موسى عليه السلام تسعون ألف وليد. وروى: أنها حين أقربت وضربها الطلق وكانت بعض القوابل الموكلات بحبالى بنى إسرائيل مصافية لها، فقالت لها: لينفعني حبك اليوم، فعالجتها، فلما وقع إلى الأرض هالها نور بين عينيه، وارتعش كل مفصل منها، ودخل حبه قلبها، ثم قالت: ما جئتك إلا لأقبل مولودك وأخبر فرعون، ولكنى وجدت لابنك حبا ما وجدت مثله فاحفظيه، فلما خرجت جاء عيون فرعون، فلفته في خرقة ووضعته في تنور مسجور «١» ، لم تعلم ما تصنع لما طاش من عقلها، فطلبوا فلم يلقوا شيئا، فخرجوا وهي لا تدرى مكانه، فسمعت بكاءه من التنور، فانطلقت إليه وقد جعل الله النار عليه بردا وسلاما، فلما ألح فرعون في طلب الولدان أوحى الله إليها فألقته في اليم. وقد روى أنها أرضعته ثلاثة أشهر في تابوت من بردي «٢» مطلى بالقار من داخله.

[[سورة القصص (٢٨) : آية ٨]]

فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ (٨)


(١) . قوله «ووضعته في تنور مسجور» في الصحاح «التنور» : الذي يخبر فيه. وفيه أيضا. سجرت التنور سجرا، إذا حميته. (ع)
(٢) . قوله «تابوت من بردي مطلى بالقار» في الصحاح «البردي» بالفتح: نبات معروف، فلينظر. (ع)