للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَرْفَعُ حكاية حال ماضية. والْقَواعِدَ جمع قاعدة وهي الأساس والأصل لما فوقه، وهي صفة غالبة، ومعناها الثابتة. ومنه قعدك اللَّه، أى أسأل اللَّه أن يقعدك أى يثبتك. ورفع الأساس:

البناء «١» عليها لأنها إذا بنى عليها نقلت عن هيئة الانخفاض إلى هيئة الارتفاع وتطاولت بعد التقاصر ويجوز أن يكون المراد بها سافات البناء «٢» لأنّ كل ساف قاعدة للذي يبنى عليه ويوضع فوقه. ومعنى رفع القواعد: رفعها بالبناء لأنه إذا وضع سافا فوق ساف فقد رفع السافات. ويجوز أن يكون المعنى: وإذ يرفع إبراهيم ما قعد من البيت- أى استوطأ- يعنى جعل هيئته القاعدة المستوطئة مرتفعة عالية بالبناء، وروى أنه كان مؤسسا قبل إبراهيم فبنى على الأساس. وروى أن اللَّه تعالى أنزل البيت ياقوتة من يواقيت الجنة له بابان من زمرد: شرقى وغربي، وقال لآدم عليه السلام:

أهبطت لك ما يطاف به كما يطاف حول عرشي، فتوجه آدم من أرض الهند إليه ماشيا، وتلقته الملائكة فقالوا: بر حجك يا آدم، لقد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام «٣» وحج آدم أربعين حجة من أرض الهند إلى مكة على رجليه، فكان على ذلك إلى أن رفعه اللَّه أيام الطوفان إلى السماء الرابعة فهو البيت المعمور ثم إن اللَّه تعالى أمر إبراهيم ببنائه وعرّفه جبريل مكانه. وقيل بعث اللَّه سحابة أظلته: ونودي: أن ابن على ظلها لا نزد ولا تنقص. وقيل: بناه من خمسة أجبل طور سينا، وطور زيتا، ولبنان، والجودي، وأسسه من حراء. وجاءه جبريل بالحجر الأسود من السماء. وقيل: تمخض أبو قبيس فانشق عنه، وقد خبئ فيه في أيام الطوفان وكان ياقوتة بيضاء من الجنة، فلما لمسته الحيض في الجاهلية اسودّ. وقيل كان إبراهيم يبنى وإسماعيل يناوله الحجارة رَبَّنا أى يقولان ربنا. وهذا الفعل في محل النصب على الحال، وقد أظهره عبد اللَّه في قراءته،


(١) . قوله «ورفع الأساس البناء» لعله الأسس- بضمتين. (ع)
(٢) . قوله «المراد بها سافات البناء» قوله «سافات» عبارة أبى السعود. والفخر «ساقات» بالقاف بدل الفاء.
والصواب أنه بالفاء كما في الصحاح في باب الفاء: الساف: كل عرق من الحائط. (ع)
(٣) . أخرجه الفاكهي في كتاب مكة من رواية الضحاك هو ابن مزاحم. قال: قال حذيفة: وسلمان الفارسي «سمعنا رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول إن اللَّه أنزل البيت من ياقوتة حمراء نزلت به الملائكة مع آدم، فنزلت به في الحرم ونزل آدم في الهند في جبل يقال له واشب بأرض الهند ونزل إبليس بالحرم فحول اللَّه إبليس إلى أرض الهند وحول آدم إلى الحرم. الحديث. وفي إسناده ضعف وانقطاع. ورواه أيضا من طريق ابن إدريس عن أبيه عن عطاء أن عمر بن الخطاب رضى اللَّه عنه سأل كعبا قال: أخبرنى عن بناء هذا البيت ما كان أمره؟ فقال: إن هذا البيت، أنزله اللَّه من السماء ياقوتة حمراء مجوفة مع آدم» وفي رواية النهاس بن قهم: سمعت عطاء يقول «قال آدم يا رب أين توجهني؟ قال تبنى لي بتهامة بيتا مما يلي البحر يطاف حوله، كما تطوف الملائكة حول عرشي. ويصلى عنده كما تصلى الملائكة عند عرشي. فأقبل نحو البيت. مما يلي الصفا. فطاف بالبيت وصلى عنده. قال النهاس: وحدثني عقيل على بن سفيان. حدثنا عطاء عن عبد اللَّه بن عمرو بمثله وقال الفاكهي في كتاب مكة أيضا: حدثنا ابن عمرو.
حدثنا سفيان عن ابن أبى لبيد قال «حج آدم فتلقته الملائكة فقالوا: أبر نسكك. فقد حججنا هذا البيت قبلك بألفي عام» وهكذا هو في جامع سفيان بن عيينة.