للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

روى أنه لما نزلت آية الحجاب قال الآباء والأبناء والأقارب: يا رسول الله، أو نحن أيضا نكلمهن من وراء الحجاب، فنزلت لا جُناحَ عَلَيْهِنَّ أى لا إثم عليهن في أن لا يحتجبن من هؤلاء ولم يذكر العم والخال، لأنهما يجريان مجرى الوالدين، وقد جاءت تسمية العم أبا.

قال الله تعالى: وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وإسماعيل عم يعقوب. وقيل. كره ترك الاحتجاب عنهما لأنهما يصفانها لأبنائهما، وأبناؤهما غير محارم، ثم نقل الكلام من الغيبة إلى الخطاب، وفي هذا النقل ما يدل على فضل تشديد. فقيل وَاتَّقِينَ اللَّهَ فيما أمرتن به من الاحتجاب وأنزل فيه الوحى من الاستتار، واحططن فيه وفيما استثنى منه ما قدرتن. واحفظن حدودهما واسلكن طريق التقوى في حفظهما، وليكن عملكن في الحجب أحسن مما كان وأنتن غير محجبات، ليفضل سركن علنكن إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ من السر والعلن وظاهر الحجاب وباطنه شَهِيداً لا يتفاوت في علمه الأحوال.

[[سورة الأحزاب (٣٣) : آية ٥٦]]

إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً (٥٦)

قرئ: وملائكته بالرفع، عطفا على محل إن واسمها، وهو ظاهر على مذهب الكوفيين، ووجهه عند البصريين. أن يحذف الخبر لدلالة يصلون عليه صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا أى قولوا الصلاة على الرسول والسلام. ومعناه: الدعاء بأن يترحم عليه الله ويسلم. فإن قلت: الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم واجبة أم مندوب إليها؟ قلت: بل واجبة، وقد اختلفوا في حال وجوبها. فمنهم من أوجبها كلما جرى ذكره. وفي الحديث: «من ذكرت عنده فلم يصل علىّ فدخل النار فأبعده «١» الله» ويروى أنه قيل: يا رسول الله، أرأيت قول الله تعالى إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ فقال صلى الله عليه وسلم: «هذا من العلم المكنون ولولا أنكم سألتمونى عنه ما أخبرتكم به، إنّ الله وكل بى ملكين فلا أذكر عند عبد مسلم فيصلى علىّ إلا قال ذانك الملكان: غفر الله لك، وقال الله تعالى وملائكته جوابا لذينك الملكين: آمين، ولا أذكر عند عبد مسلم فلا يصلى علىّ إلا قال ذانك الملكان: لا غفر الله لك، وقال الله وملائكته


(١) . أخرجه ابن حبان من طريق محمد بن عمر عن أبى سلمة عن أبى هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال: آمين آمين آمين قال: إن جبريل أتانى فذكر الحديث وفيه «ومن ذكرت عنده فلم يصل عليك فمات فدخل النار فأبعده الله» وفي الباب عن مالك بن الحويرث عند ابن حبان والطبراني. وعن ابن عباس في الطبراني وكذلك عن جابر بن سمرة وعبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي وعن بريدة عند إسحاق بن راهويه وعن عمار بن ياسر عند البزار وعن جابر بن عبد الله عند البيهقي في الشعب.