للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الرياح، بالرفع غُدُوُّها شَهْرٌ جريها بالغداة مسيرة شهر، وجريها بالعشي كذلك. وقرئ:

غدوتها وروحتها. وعن الحسن رضى الله عنه: كان يغدو فيقيل بإصطخر، ثم يروح فيكون رواحه بكابل. ويحكى أنّ بعضهم رأى مكتوبا في منزل بناحية دجلة كتبه بعض أصحاب سليمان: نحن نزلناه وما بنيناه ومبنيا وجدناه، غدونا من إصطخر فقلناه، ونحن رائحون منه فبائتون بالشام إن شاء الله. القطر: النحاس المذاب من القطران. فإن قلت: ماذا أراد بعين القطر؟ قلت: أراد بها معدن النحاس ولكنه أساله «١» كما ألان الحديد لداود، فنبع كما ينبع الماء من العين، فلذلك سماه عين القطر باسم ما آل إليه، كما قال إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً وقيل: كان يسبل في الشهر ثلاثة أيام بِإِذْنِ رَبِّهِ بأمره وَمَنْ يَزِغْ مِنْهُمْ ومن يعدل عَنْ أَمْرِنا الذي أمرناه به من طاعة سليمان وقرئ. يزغ من أزاغه. وعذاب السعير: عذاب الآخرة، عن ابن عباس رضى الله عنهما وعن السدى: كان معه ملك بيده سوط من نار، كلما استعصى عليه ضربه من حيث لا يراه الجنى.

المحاريب: المساكن والمجالس الشريفة المصونة عن الابتذال: سميت محاريب لأنه يحامى عليها ويذب عنها. وقيل: هي المساجد. والتماثيل: صور الملائكة والنبيين والصالحين، كانت تعمل في المساجد من نحاس وصفر وزجاج ورخام ليراها الناس فيعبدوا نحو عبادتهم. فإن قلت:

كيف استجاز سليمان عليه السلام عمل التصاوير؟ قلت: هذا مما يجوز أن تختلف فيه الشرائع، لأنه ليس من مقبحات العقل كالظلم والكذب، وعن أبى العالية: لم يكن اتخاذ الصور إذ ذاك محرّما. ويجوز أن يكون غير صور الحيوان كصور الأشجار وغيرها، لأنّ التمثال كل ما صوّر على مثل صورة غيره من حيوان وغير حيوان. أو تصوّر محذوفة الرؤوس. وروى أنهم عملوا له أسدين في أسفل كرسيه ونسرين فوقه، فإذا أراد أن يصعد بسط الأسدان له ذراعيهما، وإذا قعد أظله النسران بأجنحتهما. والجوابى: الحياض الكبار، قال:

تروح على آل المحلّق جفنة … كجابية السّيح العراقىّ تفهق «٢»

لأنّ الماء يجبى فيها، أى: يجمع. جعل الفعل لها مجازا وهي من الصفات الغالبة كالدابة. قيل:

كان يقعد على الجفنة ألف رجل. وقرئ بحذف الياء اكتفاء بالكسرة. كقوله تعالى يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ.


(١) . قوله «ولكنه أساله كما ألان الحديد» لعله: أساله له (ع)
(٢) . للأعشى في مدح المحلق. وروى «تلوح» بدل تروح، لأنها تظهر عند خروجها من البيت أول النهار مستعلية عليهم. والجفنة: قصعة الثريد. والجابية: الحوض يجبى الماء، أى: يجمعه إلى الحوض. والسيح:
الماء الكثير الجاري. وفهق يفهق، كفرح يفرح: اتسع وامتلأ وتدفق. ومنه الحديث: أنه قام إلى باب الجنة فانفهقت له، أى: انفتحت واتسعت، والمتفيهق: المكثر من الكلام، فقوله «تفهق» أى تمتلئ مع اتساعها حتى تكاد تتدفق