للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً واحِدَةً أى مؤمنين كلهم على القسر والإكراه، كقوله تعالى وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها وقوله تعالى وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً والدليل على أنّ المعنى هو الإلجاء إلى الإيمان: قوله أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ وقوله تعالى أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ بإدخال همزة الإنكار على المكره دون فعله. دليل على أنّ الله وحده هو القادر على هذا الإكراه دون غيره. والمعنى: ولو شاء ربك مشيئة قدرة لقسرهم جميعا على الإيمان «١» ، ولكنه شاء مشيئة حكمة، فكلفهم وبنى أمرهم على ما يختارون، ليدخل المؤمنين في رحمته وهم المرادون بمن يشاء. ألا ترى إلى وضعهم في مقابلة الظالمين ويترك الظالمين بغير ولى ولا نصير في عذابه.

[[سورة الشورى (٤٢) : آية ٩]]

أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِ الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٩)

معنى الهمزة في أَمِ الإنكار فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ هو الذي يجب أن يتولى وحده ويعتقد أنه المولى والسيد، فالفاء في قوله فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ جواب شرط مقدّر، كأنه قيل بعد إنكار كل ولى سواه: إن أرادوا وليا بحق، فالله هو الولي بالحق، لا ولىّ سواه وَهُوَ يُحْيِ أى: ومن شأن هذا الولي أنه يحيى الْمَوْتى وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فهو الحقيق بأن يتخذ وليا دون من لا يقدر على شيء.

[[سورة الشورى (٤٢) : آية ١٠]]

وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (١٠)

وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ حكاية قول رسول الله صلى الله عليه وسلم للمؤمنين. أى:

ما خالفكم فيه الكفار من أهل الكتاب والمشركين، فاختلفتم أنتم وهم فيه من أمر من أمور الدين، فحكم ذلك المختلف فيه مفوّض إلى الله تعالى، وهو إثابة المحقين فيه من المؤمنين ومعاقبة المبطلين ذلِكُمُ الحاكم بينكم هو اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ في ردّ كيد أعداء الدين وَإِلَيْهِ


(١) . قوله «لقسرهم جميعا على الإيمان» هذا عند المعتزلة: أما عند أهل السنة، فالارادة تستلزم وجود المراد، لكن لا تستلزم القسر والجبر للعباد، لأنها لا تنافى الاختيار، لما لهم في أعمالهم من الكسب. وإن كانت مخلوقة له تعالى. وأما التي لا تستلزم المراد وهي التي سماها مشيئة الحكمة، فهي التي بمعنى الأمر عند المعتزلة، ولا يثبتها أهل السنة، كما تقرر في التوحيد، فمعنى الآية: ولو شاء ربك إيمان الكل لآمن الكل، ولكن شاء إيمان البعض، فآمن من شاء إيمانه. (ع)