للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نزوله عليه، فما معنى قوله وَلَا الْإِيمانُ والأنبياء لا يجوز عليهم إذا عقلوا وتمكنوا من النظر والاستدلال أن يخطئهم الإيمان بالله وتوحيده، ويجب أن يكونوا معصومين من ارتكاب الكبائر ومن الصغائر التي فيها تنفير قبل المبعث وبعده، فكيف لا يعصمون من الكفر؟ قلت:

الإيمان اسم يتناول أشياء: بعضها الطريق إليه العقل، وبعضها الطريق إليه السمع، فعنى به ما الطريق إليه السمع دون العقل، وذاك ما كان له فيه علم حتى كسبه بالوحي. ألا ترى أنه قد فسر الإيمان في قوله تعالى وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ بالصلاة، لأنها بعض ما يتناوله الإيمان مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا من له لطف ومن لا لطف له، فلا هداية تجدى عليه صِراطِ اللَّهِ بدل. وقرئ: لتهدي، أى: يهديك الله. وقرئ: لتدعو.

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ حم عسق كان ممن تصلى عليه الملائكة ويستغفرون له ويسترحمون له» «١» .

[سورة الزخرف]

مكية. وقال مقاتل: إلا قوله وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا وهي تسع وثمانون آية [نزلت بعد الشورى] بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

[سورة الزخرف (٤٣) : الآيات ١ الى ٤]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

حم (١) وَالْكِتابِ الْمُبِينِ (٢) إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٣) وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتابِ لَدَيْنا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (٤)

أقسم بالكتاب المبين وهو القرآن وجعل قوله إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا جوابا للقسم «٢»


(١) . أخرجه الثعلبي وابن مردويه باسنادهما إلى أبى بن كعب.
(٢) . قال محمود: «أقسم بالكتاب المبين وجعل قوله إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا جوابا للقسم … الخ» قال أحمد: تنبيه حسن جدا. ووجه التناسب فيه أنه أقسم بالقرآن، وإنما يقسم بعظيم، ثم جعل المقسم عليه تعظيم القرآن بأنه قرآن عربى مرجو به أن يعقل به العالمون، أى: يتعقلوا آيات الله تعالى فكان جواب القسم مصححا للقسم، وكذلك أقسم أبو تمام بالثنايا، وإنما يقسم الشعراء بمثل هذا الاشعار بأنه في غاية الحسن، ثم جعل المقسم عليه كونها في نهاية الحسن، لا أنها هي أغريض، وهو من أحسن تشبيهات الثايا، فجعل المقسم عليه مصححا للقسم والله أعلم.