للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَنْ تَأْتِيَهُمْ بدل من الساعة. والمعنى: هل ينظرون إلا إتيان الساعة. فإن قلت: أما أدى قوله بَغْتَةً مؤدّى قوله وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ فيستغنى عنه؟ قلت: لا، لأنّ معنى قوله تعالى وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ: وهم غافلون لاشتغالهم بأمور دنياهم، كقوله تعالى تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ ويجوز أن تأتيهم بغتة وهم فطنون يَوْمَئِذٍ منصوب بعدوّ، أى: تنقطع في ذلك اليوم كل خلة بين المتخالين في غير ذات الله، وتنقلب عداوة ومقتا، إلا خلة المتصادقين في الله، فإنها الخلة الباقية المزدادة قوّة إذا رأوا ثواب التحاب في الله تعالى والتباغض في الله. وقيل إِلَّا الْمُتَّقِينَ إلا المجتنبين أخلاء السوء. وقيل: نزلت في أبىّ بن خلف وعقبة ابن أبى معيط يا عِبادِ حكاية لما ينادى به المتقون المتحابون في الله يومئذ، والَّذِينَ آمَنُوا منصوب المحل صفة لعبادي، لأنه منادى مضاف، أى: الذين صدّقوا بِآياتِنا وَكانُوا مُسْلِمِينَ مخلصين وجوههم لنا، جاعلين أنفسهم سالمة لطاعتنا. وقيل: إذا بعث الله الناس فزع كل أحد، فينادى مناد: يا عبادي فيرجوها الناس كلهم، ثم يتبعها الذين آمنوا فييأس الناس منها غير المسلمين.

وقرئ: يا عباد تُحْبَرُونَ تسرون سرورا يظهر حباره- أى: أثره- على وجوهكم، كقوله تعالى تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ وقال الزجاج: تكرمون إكراما يبالغ فيه. والحبرة:

المبالغة فيما وصف بجميل. والكوب: الكوز لا عروة له وَفِيها الضمير للجنة. وقرئ تشتهي وتشتهيه. وهذا حصر لأنواع النعم، لأنها إما مشتهاة في القلوب، وإما مستلذة في العيون.

وَتِلْكَ إشارة إلى الجنة المذكورة. وهي مبتدأ، والْجَنَّةُ خبر. والَّتِي أُورِثْتُمُوها صفة الجنة. أو الجنة صفة للمبتدإ الذي هو اسم الإشارة. والتي أورثتموها: خبر المبتدإ. أو التي أورثتموها: صفة، وبِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ الخبر، والباء تتعلق بمحذوف كما في الظروف التي تقع أخبار. وفي الوجه الأول تتعلق بأورثتموها. وشبهت في بقائها على أهلها بالميراث الباقي على الورثة. وقرئ: ورّثتموها مِنْها تَأْكُلُونَ من للتبعيض، أى: لا تأكلون إلا بعضها، وأعقابها باقية في شجرها، فهي مزينة بالثمار أبدا موقرة بها، لا ترى شجرة عريانة من ثمرها كما في الدنيا. وعن النبي صلى الله عليه وسلم «لا ينزع رجل في الجنة من ثمرها «١» إلا نبت مكانها مثلاها «٢»

[سورة الزخرف (٤٣) : الآيات ٧٤ الى ٧٨]

إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ (٧٤) لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ (٧٥) وَما ظَلَمْناهُمْ وَلكِنْ كانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ (٧٦) وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ قالَ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ (٧٧) لَقَدْ جِئْناكُمْ بِالْحَقِّ وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ (٧٨)


(١) . قوله «من ثمرها إلا نبت مكانها» في الخازن: ورد في الحديث «أنه لا ينزع أحد في الجنة من ثمرها ثمرة إلا نبت مكانها مثلاها» . (ع)
(٢) . أخرجه البزار عن ثوبان. وقد تقدم في البقرة.