للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

للمشركين: سنطيعكم في التظافر على عداوة رسول الله صلى الله عليه وسلم والقعود عن الجهاد معه. ومعنى فِي بَعْضِ الْأَمْرِ في بعض ما تأمرون به. أو في بعض الأمر الذي يهمكم وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِسْرارَهُمْ وقرئ: إسرارهم على المصدر، قالوا ذلك سرا فيما بينهم، فأفشاه الله عليهم. فكيف يعملون وما حيلتهم حينئذ؟ وقرئ: توفاهم، ويحتمل أن يكون ماضيا، ومضارعا قد حذفت إحدى تاءيه، كقوله تعالى إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ وعن ابن عباس رضى الله عنهما: لا يتوفى أحد على معصية الله إلا يضرب من الملائكة في وجهه ودبره ذلِكَ إشارة إلى التوفي الموصوف ما أَسْخَطَ اللَّهَ من كتمان نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم. ورِضْوانَهُ الإيمان برسول الله.

[سورة محمد (٤٧) : الآيات ٢٩ الى ٣٠]

أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغانَهُمْ (٢٩) وَلَوْ نَشاءُ لَأَرَيْناكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ أَعْمالَكُمْ (٣٠)

أَضْغانَهُمْ أحقادهم وإخراجها: إبرازها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين، وإظهارهم على نفاقهم وعداوتهم لهم، وكانت صدورهم تغلى حنقا عليهم لَأَرَيْناكَهُمْ لعرفناكهم ودللناك عليهم. حتى تعرفهم بأعيانهم لا يخفون عليك بِسِيماهُمْ بعلامتهم: وهو أن يسمعهم الله تعالى بعلامة تعلمون بها. وعن أنس رضى الله عنه: ما خفى على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية شيء من المنافقين: كان يعرفهم بسيماهم، ولقد كنا في بعض الغزوات وفيها تسعة من المنافقين يشكوهم الناس، فناموا ذات ليلة وأصبحوا وعلى جبهة كل واحد منهم مكتوب: هذا منافق «١» . فإن قلت: أى فرق بين اللامين في فَلَعَرَفْتَهُمْ ولَتَعْرِفَنَّهُمْ؟ قلت: الأولى هي الداخلة في جواب «لو» كالتي في لَأَرَيْناكَهُمْ كررت في المعطوف، وأما اللام في وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فواقعة مع النون في جواب قسم محذوف فِي لَحْنِ الْقَوْلِ في نحوه وأسلوبه. وعن ابن عباس: هو قولهم: مالنا إن أطعنا من الثواب؟ ولا يقولون: ما علينا إن عصينا من العقاب. وقيل: اللحن: أن تلحن بكلامك، أى: تميله إلى نحو من الأنحاء ليفطن له صاحبك كالتعريض والتورية. قال:

ولقد لحنت لكم لكيما تفقهوا … واللّحن يعرفه ذوو الألباب «٢»


(١) . ذكره الشعبي بغير سند، ولم أجده.
(٢) . اللحن: العدول بالكلام عن الظاهر، كالتعريض والتورية، والمخطئ لاحن، لعدوله عن الصواب أى: لكي تفهموا دون غيركم، فان اللحن يعرفه أرباب الألباب دون غيرهم. والألباب: العقول اه.