للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جبير بن مطعم: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أكلمه في الأسارى فألفيته في صلاة الفجر يقرأ سورة الطور، فلما بلغ: إن عذاب ربك لواقع: أسلمت خوفا من أن ينزل العذاب «١» تَمُورُ السَّماءُ تضطرب وتجيء وتذهب. وقيل: المور تحرك في تموّج، وهو الشيء يتردد في عرض كالداغصة في الركبة «٢» .

[سورة الطور (٥٢) : الآيات ١١ الى ١٦]

فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (١١) الَّذِينَ هُمْ فِي خَوْضٍ يَلْعَبُونَ (١٢) يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (١٣) هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ (١٤) أَفَسِحْرٌ هذا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ (١٥)

اصْلَوْها فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٦)

غلب الخوض في الاندفاع في الباطل والكذب. ومنه قوله تعالى وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ، وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا الدع: الدفع العنيف، وذلك أن خزنة النار يغلون أيديهم إلى أعناقهم، ويجمعون نواصيهم إلى أقدامهم، ويدفعونهم إلى النار دفعا على وجوههم وزخا في أقفيتهم «٣» . وقرأ زيد بن علىّ: يدعون، من الدعاء أى يقال لهم: هلموا إلى النار، وادخلوا النار دَعًّا مدعوعين، يقال لهم: هذه النار أَفَسِحْرٌ هذا يعنى كنتم تقولون للوحى هذا سحر، أفسحر هذا؟ يريد: أهذا المصداق أيضا سحر؟ ودخلت الفاء لهذا المعنى أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ كما كنتم لا تبصرون في الدنيا، يعنى: أم أنتم عمى عن المخبر عنه كما كنتم عميا عن الخبر، وهذا تقريع وتهكم سَواءٌ خبر محذوف، أى: سواء عليكم الأمران: الصبر وعدمه، فإن قلت: لم علل استواء الصبر وعدمه بقوله إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ؟

قلت: لأنّ الصبر إنما يكون له مزية على الجزع، لنفعه في العاقبة بأن يجازى عليه الصابر جزاء الخير، فأما الصبر على العذاب الذي هو الجزاء ولا عاقبة له ولا منفعة، فلا مزية له على الجزع.

[سورة الطور (٥٢) : الآيات ١٧ الى ٢٠]

إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (١٧) فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (١٨) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٩) مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (٢٠)


(١) . لم أجده هكذا. والذي جاء في الصحيح «أن ذلك في صلاة المغرب» وأنه قال لما سمع أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ- إلى آخره: كاد قلبي يطير» .
(٢) . قوله «كالداغصة في الركبة» هي العظم المدور الذي يتحرك على رأس الركبة، كما في الصحاح. (ع) [.....]
(٣) . قوله «وزخا في أقفيتهم» في الصحاح «زخه» أى: دفعه في وهدة اه. (ع)