للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَكُفَّارُكُمْ يا أهل مكة خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ الكفار المعدودين: قوم نوح وهود وصالح ولوط وآل فرعون، أى أهم خير قوّة وآلة ومكانة في الدنيا، أو أقل كفرا وعنادا يعنى: أنّ كفاركم مثل أولئك بل شر منهم أَمْ أنزلت عليكم يا أهل مكة بَراءَةٌ في الكتب المتقدّمة.

أنّ من كفر منكم وكذب الرسل كان آمنا من عذاب الله، فأمنتم بتلك البراءة نَحْنُ جَمِيعٌ جماعة أمرنا مجتمع مُنْتَصِرٌ ممتنع لا نرام ولا نضام. وعن أبى جهل أنه ضرب فرسه يوم بدر، فتقدّم في الصف وقال: نحن ننتصر اليوم من محمد وأصحابه، فنزلت سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ عن عكرمة:

لما نزلت هذه الآية قال عمر: أى جمع يهزم، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يثب في الدرع ويقول: «سيهزم الجمع» عرف تأويلها «١» وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ أى الأدبار كما قال:

كلوا في بعض بطنكم تعفوا «٢»

وقرئ: الأدبار أَدْهى أشدّ وأفظع. والداهية: الأمر المنكر لذي لا يهتدى لدوائه وَأَمَرُّ من الهزيمة والقتل والأسر. وقرئ: سنهزم الجمع.

[سورة القمر (٥٤) : الآيات ٤٧ الى ٥٠]

إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (٤٧) يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (٤٨) إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ (٤٩) وَما أَمْرُنا إِلاَّ واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (٥٠)

فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ في هلاك ونيران. أو في ضلال عن الحق في الدنيا، ونيران في الآخرة مَسَّ سَقَرَ كقولك: وجد مس الحمى وذاق طعم الضرب، لأنّ النار إذا أصابتهم بحرها ولقحتهم بإيلامها، فكأنها تمسهم مسا بذلك، كما يمس الحيوان ويباشر بما يؤذى ويؤلم. وذوقوا:

على إرادة القول. وسقر: علم لجهنم. من سقرته النار وصقرته إذا لوحته. قال ذو الرمّة:


(١) . أخرجه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة، وعن أيوب عن عكرمة «أن عمر- فذكره» وأتم منه، ورواه من هذا الوجه إسحاق والطبري وابن أبى حاتم، ورواه الطبري في الأوسط من رواية عبد المجيد بن أبى رواد عن معمر عن قتادة عن أنس عن عمر موصولا.
(٢) . تقدم شرح هذا الشاهد بالجزء الأول صفحة ٤٧٩ فراجعه إن شئت اه مصححه.