للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أى: تطلبون وتستعجلون به. وقيل: هو من الدعوى، أى: كنتم بسببه تدعون أنكم لا تبعثون.

وقرئ: تدعون. وعن بعض الزهاد: أنه تلاها في أول الليل في صلاته، فبقى يكررها وهو يبكى إلى أن نودي لصلاة الفجر، ولعمري إنها لوقاذة «١» لمن تصور تلك الحالة وتأملها.

[[سورة الملك (٦٧) : آية ٢٨]]

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللَّهُ وَمَنْ مَعِيَ أَوْ رَحِمَنا فَمَنْ يُجِيرُ الْكافِرِينَ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ (٢٨)

كان كفار مكة يدعون على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى المؤمنين بالهلاك، فأمر بأن يقول لهم: نحن مؤمنون متربصون لإحدى الحسنيين: إما أن نهلك كما تتمنون فننقلب إلى الجنة، أو نرحم بالنصرة والإدالة للإسلام كما نرجو، فأنتم ما تصنعون؟ من يجيركم- وأنتم كافرون- من عذاب النار؟ لا بدّ لكم منه، يعنى: إنكم تطلبون لنا الهلاك الذي هو استعجال للفوز والسعادة، وأنتم في أمر هو الهلاك الذي لإهلاك بعده، وأنتم غافلون لا تطلبون الخلاص منه. أو إن أهلكنا الله بالموت فمن يجيركم بعد موت هداتكم، والآخذين بحجزكم من النار، وإن رحمنا بالإمهال والغلبة عليكم وقتلكم فمن يجيركم، فإنّ المقتول على أيدينا هالك. أو إن أهلكنا الله في الآخرة بذنوبنا ونحن مسلمون، فمن يجير الكافرين وهم أولى بالهلاك لكفرهم، وإن رحمنا بالإيمان فمن يجير من لا إيمان له.

[[سورة الملك (٦٧) : آية ٢٩]]

قُلْ هُوَ الرَّحْمنُ آمَنَّا بِهِ وَعَلَيْهِ تَوَكَّلْنا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ هُوَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٢٩)

فإن قلت: لم أخر مفعول آمنا وقدم مفعول توكلنا؟ قلت: لوقوع آمنا تعريضا بالكافرين حين ورد عقيب ذكرهم، كأنه قيل: آمنا ولم نكفر كما كفرتم، ثم قال: وعليه توكلنا خصوصا لم نتكل على ما أنتم متكلون عليه من رجالكم وأموالكم.

[[سورة الملك (٦٧) : آية ٣٠]]

قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ (٣٠)

غَوْراً غائرا ذاهبا في الأرض. وعن الكلبي لا تناله الدلاء، وهو وصف بالمصدر كعدل ورضا. وعن بعض الشطار أنها تليت عنده فقال: تجيء به الفئوس والمعاول، فذهب ماء عينيه، نعوذ بالله من الجرأة على الله وعلى آياته.

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم «من قرأ سورة الملك فكأنما أحيا ليلة القدر» «٢» .


(١) . قوله «إنها لوقاذة لمن تصور» في الصحاح «وقذه» ضربه حتى استرخى وأشرف على الموت. (ع)
(٢) . أخرجه الثعلبي والواحدي وابن مردويه عن أبى بن كعب رضى الله عنه.