للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يريد: الكسلان المتقاعس الذي لا ينهض في معاظم الأمور وكفايات الخطوب، ولا يحمل نفسه المشاق والمتاعب، ونحوه:

فأنت به حوش الفؤاد سبطّنا … سهدا إذا ما نام ليل الهوجل «١»

وفي أمثالهم:

أوردها سعد وسعد مشتمل … ما هكذا تورد يا سعد الإبل «٢»


(١) .
ولقد سربت على الظلام بمغشم … جلد من الفتيان غير مثقل
ممن حملن به وهن عواقد … حبك النطاق فشب غير مهبل
ومبرأ من كل غير حيضة … وفساد مرضعة وداء مغيل
حملت به في ليلة مزؤدة … كرها وعقد نطاقها لم يحلل
فأتت به حوش الفؤاد مبطنا … سهدا إذا ما نام ليل الهوجل
لأبى كبير الهذلي يصف مأبط شرا، واسمه: جابر بن ثابت، تزوج الهذلي بأمه بعد جابر فخاف منه، فأغرته على قتله فخرج به متحيلا لذلك فلم يقدر، فمدحه بالشجاعة والفطنة: يقول: سرت ليلا في الظلمة بمغشم، أى مع فتى يقدم على الأمر بلا مبالاة ولا تدبير ولا خوف عاقبة، مع جراءة، جلد، أى: صلب صبور غير مثقل، أى: خفيف في السير منزه عن كل ما يوجب الضعف والثباطؤ، وبينه بقوله: ممن حملن. أى: هو ممن حملن، أى جنس النسوة به، أو هو بعض الفتيان الذين حملت بهم النسوة، وأفرد ضمير «به» مراعاة للفظ «من» وضمن العمل معنى العلوق، فعداه بالباء، وإلا فهو يتعدى بنفسه. والحبك: جمع حباك كخزام. أو جمع حبيك أو حبيكة، وهو الخيوط التي يحبك بها النطاق. والمهبل: المدعو عليه بالهبل، أى، الثكل والفقد. والغبر- بالضم فالتشديد-: بقية الحيض وغيره، وكذلك الغبر- بالضم وبالفتح مع السكون. والغابر: الباقي والذاهب. ويجوز أن غبر: جمع غابر، وغبر يغبر غبورا- كدخل-: بقي وذهب، أى: لم تحمل به أمه في زمن بقية الحيض. ومرضع: من الصفات المختصة بالمؤنث، والغالب تجريدها من التاء، فما هنا على خلاف الغالب. والغيلة: إحبال الرجل امرأته وهي ترضع ولدها: فيمرض، فالمغيل: الممرض بالغيلة. وفي حديث مسلم: لقد هممت أن أنهى عن الغيلة حتى ذكرت أن الروم وفارس يصنعون ذلك فلا يضر أولادهم، وكان القياس في مغيل إعلاله كمقيم ومبين ومعين، لكن جاء على الأصل شذوذا للضرورة، وروى معضل، أى معى ومعجز للأطباء. وزأده- كذعره: إذا خوفه، فهو مزؤود ومذعور فالمزءودة: المخوفة، وتخويف الليلة مجاز عقلى: كشربت الكوز. والخوف في الحقيقة المرأة. ويروى بالنصب على الحال، لكن يضيع ذكر ليلة، إلا أن يقدر وصفها بمظلمة، والنطاق: ما يشد به الوسط. وحوش الفؤاد بالضم وحشى القلب لحدته وتوقده ونفوره عن الناس. والرجل الحوش والحوشى: الذي يجانب الناس مبطنا خميص البطن منضمره: سهدا- بضمتين-: كثير السهاد أى السهر: وإسناد النوم إلى الليل مجاز عقلى، وإنما النائم الهوجل:
وهو الرجل الطويل الأحمق، ومن تجربة العرب: أن المرأة إذا حملت بولدها كارهة غير مستعدة للوطء: جاء ولدها نجيبا، حكى عن أم تأبط شرا أنها قالت فيه: والله إنه الشيطان، ما رأيته ضاحكا قط، ولا هم بشيء في صباء إلا فعله، ولقد حملت به في ليلة ظلماء، وإن نطاقى لمشدود، وذلك يدل على نجابته وشجاعته.
(٢) . لمالك بن زيد مناة يخاطب أخاه، وكان قد بنى على امرأته فلم يحسن سعد القيام بأمر الإبل، فقال: أوردها سعد إلى الماء والحال أنه مشتمل متلفف بثيابه لا متشمر. وذكر الظاهر مكان المضمر: فيه نوع من التوبيخ.
ما هكذا تورد، أى: تساق إلى الماء، وكان معرضا عنه فالتفت إليه ونداؤه نداء البعيد: دلالة على أنه بليد.
وحق هاء التنبيه: الدخول على اسم الاشارة، لكن قدمت على كاف التشبيه مبادرة واهتماما بالتنبيه. ويروى بدل الشطر الثاني: يا سعد ما تروى بهذا كالإبل. وهذاك اسم إشارة، وصار هذا البيت يضرب مثلا لكل من لم يحسن القيام بشأن ما تولاه.