للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من نسائهم مؤلين أو مقسمين. ويجوز أن يراد لهم مِنْ نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كقوله:

لي منك كذا. والإيلاء من المرأة أن يقول: واللَّه لا أقربك أربعة أشهر فصاعداً على التقليد بالأشهر. أو لا أقربك على الإطلاق. ولا يكون في مادون أربعة أشهر، إلا ما يحكى عن إبراهيم النخعي. وحكم ذلك: أنه إذا فاء إليها في المدة «١» بالوطء إن أمكنه أو بالقول إن عجز: صح الفيء، وحنث القادر، ولزمته كفارة اليمين، ولا كفارة على العاجز. وإن مضت الأربعة بانت بتطليقة عند أبى حنيفة. وعند الشافعي: لا يصح الإيلاء إلا في أكثر من أربعة أشهر ثم يوقف المولى، فإما أن يفيء وإما أن يطلق وإن أبى طلق عليه الحاكم. ومعنى قوله فَإِنْ فاؤُ فإن فاءوا في الأشهر، بدليل قراءة عبد اللَّه: فإن فاءوا فيهن فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ يغفر للمولين ما عسى يقدمون عليه من طلب ضرار النساء بالإيلاء وهو الغالب، وإن كان يجوز أن يكون على رضا منهن إشفاقاً منهن على الولد من الغيل «٢» ، أو لبعض الأسباب لأجل الفيئة التي هي مثل التوبة وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فتربصوا إلى مُضىِّ المدة فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ وعيد على إصرارهم وتركهم الفيئة، وعلى قول الشافعي رحمه اللَّه معناه: فإن فاءوا، وإن عزموا «٣» بعد مضى المدة. فإن قلت: كيف موقع الفاء إذا كانت الفيئة قبل انتهاء مدّة التربص؟ «٤» قلت: موقع صحيح لأن قوله: (فَإِنْ فاؤُ) ، (وَإِنْ عَزَمُوا) تفصيل لقوله: (لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهِمْ)

والتفصيل


(١) . قال محمود رحمه اللَّه: «وحكم ذلك أنه إذا فاء إليها في المدة … الخ» . قال أحمد رحمه اللَّه: وهذا التفسير منزل على مذهب أبى حنيفة لأنه لا يرى الفيئة بعد انقضاء الأربعة الأشهر مقيدة إذا وقع الطلاق بنفس مضيها فلا تكون الفيئة معتبرة عنده إلا في أربعة الأشهر خاصة.
(٢) . قوله «على الولد من الغيل» في الصحاح: اخترت الغيلة- بالكسر- بولد فلان، إذا أتيت أمه وهي ترضعه، أو حملت وهي ترضعه. والغيل- بالفتح- اسم ذلك الابن. (ع)
(٣) . قوله «فان فاءوا وإن عزموا» يعنى أن كلا من الشرطين عند الشافعي بعد مضى المدة. (ع)
(٤) . قال محمود رحمه اللَّه: «فان قلت كيف موقع الفاء إذا كانت الفيئة قبل انقضاء مدة التربص الخ» قال أحمد رحمه اللَّه: هذا جواب عن سؤال موجه على أبى حنيفة رضى اللَّه عنه لأنه إذا رأى الفيئة في الأشهر الأربعة خاصة لا فيما بعدها واللَّه تعالى عطف الفيئة على تربص أربعة أشهر بالفاء ومقتضاها كما علمت وقوع ما عطفه بعد ما عطفه عليه فيلزم وقوع الفيئة المعتبرة بعد انقضاء الأشهر الأربعة، وأبو حنيفة يأباه فلذلك أجاب عنه الزمخشري بجوابه المتقدم والسؤال عندي يندفع بطريق آخر وهو أن المعطوف عليه التربص وهو حاصل من أول المدة لوقوع الفيئة في المدة بعد التربص فلا يحتاج إلى الجواب بالمثال المذكور وإنما أوقع الزمخشري في التزام السؤال تسليمه لتقدم الفيئة في الأربعة الأشهر على تربصها بناء منه على أنه لا يصدق قول القائل قد تربصت بفلان أربعة أشهر إلا إذا انقضت المدة وليس الأمر كذلك فانه يصدق من الحاكم أن يقول عند ضرب أجل المولى قد تربصت لك أربعة أشهر كما قال اللَّه تعالى لينظر أيفيء أم لا، ويصدق رب الدين في أن يقول لمديانه حالة القرض قد أجلك بهذا الدين سنة وإن كان المقتضى منها حينئذ دقيقة واحدة فلذلك التربص المعطوف عليه في الآية واقع عند ضرب الأجل المذكور فالفيئة الواقعة في الأجل إنما يقع بعده، فالفاء على بابها المعروف.