للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومهمه هالك من تعرّجا «١»

ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ بالرفع على الاستئناف، وهو وعيد لأهل مكة. يريد: ثم نفعل بأمثالهم من الآخرين مثل ما فعلنا بالأولين، ونسلك بهم سبيلهم لأنهم كذبوا مثل تكذيبهم. ويقويها قراءة ابن مسعود. ثم سنتبعهم. وقرئ بالجزم للعطف على نهلك. ومعناه: أنه أهلك الأولين من قوم نوح وعاد وثمود، ثم أتبعهم الآخرين من قوم شعيب ولوط وموسى كَذلِكَ مثل ذلك الفعل الشنيع نَفْعَلُ بكل من أجرم إنذارا وتحذيرا من عاقبة الجرم وسوء أثره.

[سورة المرسلات (٧٧) : الآيات ٢٠ الى ٢٤]

أَلَمْ نَخْلُقْكُمْ مِنْ ماءٍ مَهِينٍ (٢٠) فَجَعَلْناهُ فِي قَرارٍ مَكِينٍ (٢١) إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ (٢٢) فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ (٢٣) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٢٤)

إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ إلى مقدار من الوقت معلوم قد علمه الله وحكم به: وهو تسعة الأشهر، أو ما دونها، أو ما فوقها فَقَدَرْنا فقدّرنا ذلك تقديرا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ فنعم المقدّرون له نحن. أو فقدرنا على ذلك فنعم القادرون عليه نحن، والأوّل أولى لقراءة من قرأ: فقدّرنا بالتشديد، ولقوله مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ.

[سورة المرسلات (٧٧) : الآيات ٢٥ الى ٢٨]

أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً (٢٥) أَحْياءً وَأَمْواتاً (٢٦) وَجَعَلْنا فِيها رَواسِيَ شامِخاتٍ وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً (٢٧) وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ (٢٨)

الكفات: من كفت الشيء إذا ضمه وجمعه: وهو اسم ما يكفت، كقولهم: الضمام والجماع لما يضم ويجمع، يقال: هذا الباب جماع الأبواب، وبه انتصب أَحْياءً وَأَمْواتاً كأنه قيل: كافتة أحياء وأمواتا. أو بفعل مضمر يدل عليه وهو تكفت. والمعنى: تكفت أحياء على ظهرها، وأمواتا في بطنها. وقد استدل بعض أصحاب الشافعي رحمه الله على قطع النباش بأنّ الله تعالى جعل الأرض كفاتا للأموات، فكان بطنها حرزا لهم، فالنباش سارق من الحرز.

فإن قلت: لم قيل أحياء وأمواتا على التنكير، وهي كفات الأحياء والأموات جميعا؟ قلت:


(١) .
ومهمه هالك من تعرجا … لا يرتجى الخريت منها مخرجا
العجاج. والمهمه: المفازة القفرة. ويقال: أهلكه وهلكه. ومنه: هالك من تعرج. وعرج وتعرج: إذا نزل في المكان. والخريت: الدليل العارف بالطرق الضيقة، ولو مثل خرت الابرة، أى: لا يرجو الدليل مخرجا منها إذا ولجها، فما بال غيره، وهو مع ذلك قطعه بالسير.