للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أى تخرجها. من نشط الدلو من البئر إذا أخرجها، وبالطوائف التي تسبح في مضيها، أى:

تسرع فتسبق إلى ما أمروا به، فتدبر أمرا من أمور العباد مما يصلحهم في دينهم أو دنياهم كما رسم لهم غَرْقاً إغراقا في النزع، أى: تنزعها من أقاصى الأجساد من أناملها وأظفارها.

أو أقسم بخيل الغزاة التي تنزغ في أعنتها نزعا تغرق فيه الأعنة لطول أعناقها، لأنها عراب.

والتي تخرج من دار الإسلام إلى دار الحرب من قولك «ثور ناشط» إذا خرج من بلد إلى بلد، والتي تسبح في جريها فتسبق إلى الغاية فتدبر أمر الغلبة والظفر، وإسناد التدبير إليها، لأنها من أسبابه. أو أقسم بالنجوم التي تنزع من المشرق إلى المغرب. وإغراقها في النزع:

أن تقطع الفلك كله حتى تنحط في أقصى الغرب، والتي تخرج من برج إلى برج، والتي تسبح في الفلك من السيارة فتسبق فتدبر أمرا من علم الحساب. وقيل النازعات أيدى الغزاة، أو أنفسهم تنزع القسىّ بإغراق السهام، والتي تنشط الأوهاق «١» والمقسم عليه محذوف، وهو «لتبعثن» لدلالة ما بعده عليه من ذكر القيامة. ويَوْمَ تَرْجُفُ منصوب بهذا المضمر. والرَّاجِفَةُ الواقعة التي ترجف عندها الأرض والجبال، وهي النفخة الأولى:

وصفت بما يحدث بحدوثها تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ أى الواقعة التي تردف الأولى، وهي النفخة الثانية. ويجوز أن تكون الرادفة من قوله تعالى قُلْ عَسى أَنْ يَكُونَ رَدِفَ لَكُمْ بَعْضُ الَّذِي تَسْتَعْجِلُونَ أى القيامة التي يستعجلها الكفرة استبعادا لها، وهي رادفة لهم لاقترابها. وقيل الرَّاجِفَةُ الأرض والجبال، من قوله يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ والرادفة: السماء والكواكب، لأنها تنشق وتنتثر كواكبها على أثر ذلك. فإن قلت: ما محل تتبعها؟ قلت:

الحال، أى: ترجف تابعتها الرادفة. فإن قلت: كيف جعلت يَوْمَ تَرْجُفُ ظرفا للمضمر الذي هو لتبعثن، ولا يبعثون عند النفخة الأولى؟ قلت: المعنى: لتبعثنّ في الوقت الواسع الذي يقع فيه النفختان، وهم يبعثون في بعض ذلك الوقت الواسع، وهو وقت النفخة الأخرى. ودلّ على ذلك أنّ قوله تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ جعل حالا عن الراجفة. ويجوز أن ينتصب يَوْمَ تَرْجُفُ بما دلّ عليه قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ واجِفَةٌ أى يوم ترجف وجفت القلوب واجِفَةٌ شديدة الاضطراب، والوجيب والوجيف: أخوان خاشِعَةٌ ذليلة. فإن قلت: كيف جاز الابتداء بالنكرة؟

قلت: قُلُوبٌ مرفوعة بالابتداء، وواجِفَةٌ صفتها، وأَبْصارُها خاشِعَةٌ خبرها فهو كقوله:

وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ. فإن قلت: كيف صح إضافة الأبصار إلى القلوب؟ قلت:

معناه أبصار أصحابها بدليل قوله يَقُولُونَ. فِي الْحافِرَةِ في الحالة الأولى، يعنون: الحياة بعد الموت. فإن قلت: ما حقيقة هذه الكلمة؟ قلت: يقال: رجع فلان في حافرته، أى: في


(١) . قوله «تنشط الأوهاق» هي حبال المواشي، أفاده الصحاح. (ع) [.....]