للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: ليجيب بما أجاب به لما فيه من الفائدة الجليلة للسامعين. وبَلى إيجاب لما بعد النفي، معناه بلى آمنت وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي ليزيد سكونا وطمأنينة بمضامة علم الضرورة علم الاستدلال وتظاهر الأدلة أسكن للقلوب وأزيد للبصيرة واليقين، ولأن علم الاستدلال يجوز معه التشكيك بخلاف العلم الضروري، فأراد بطمأنينة القلب العلم الذي لا مجال فيه للتشكيك. فإن قلت: بم تعلقت اللام في: (لِيَطْمَئِنَّ) ؟ قلت: بمحذوف تقديره: ولكن سألت ذلك إرادة طمأنينة القلب فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ قيل طاوسا وديكا وغرابا وحمامة فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ) بضم الصاد وكسرها بمعنى فأملهنّ واضممهنّ إليك قال:

وَلَكِنَّ أطْرَافَ الرِّماحِ تَصُورُهَا «١»

وقال:

وَفَرْعٍ يَصيرُ الْجِيدَ وَحْفٍ كَأنَّهُ … عَلَى اللَّيْتِ قِنْوَانُ الْكُرُومِ الدَّوَالِحِ «٢»


(١) .
وما صيد الأعناق فيهم جبلة … ولكن أطراف الرماح تصورها
الصير- بالتحريك- اعوجاج العنق. ويقال صاره يصوره ويصيره، بمعنى أماله وقطعه. أى ليس ميل الأعناق طبيعة فيهم ولكن أطراف الرماح لكثرتها فوق رؤسهم تميل أعناقهم. وإسناد الامالة للأطراف مجاز عقلى من الاسناد للسبب. ويجوز أن «فيهم» حال من الصيد لا من جبلة، أى حال كونه فيهم.
(٢) . صاره يصيره ويصوره، إذا أماله أو قطعه: وروى: يزين الجيد. والجيد: العنق: والوحف: الكثيف الأسود. والليت: صفحة العنق. والدوالح: المثقلات بالحمل، يصف شعر محبوبته بأنه يميل عنقها لثقله عليه، وشبه غدائره على جانب جيدها بعناقيد الكروم المثقلات بالحمل.