للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ووزن الفعل كيعمر مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ مصدّقا بعيسى مؤمناً به. قيل هو أول من آمن به، وسمى عيسى «كلمة» لأنه لم يوجد إلا بكلمة اللَّه وحدها، وهي قوله: (كُنْ) من غير سبب آخر.

وقيل: مصدّقا بكلمة من اللَّه، مؤمناً بكتاب منه. وسمى الكتاب كلمة، كما قيل كلمة الحويدرة لقصيدته. والسيد: الذي يسود قومه، أى يفوقهم في الشرف. وكان يحيى فائقا لقومه وفائقا للناس كلهم في أنه لم يركب سيئة قط، ويا لها من سيادة. والحصور: الذي لا يقرب النساء حصراً لنفسه أى منعا لها من الشهوات. وقيل هو الذي لا يدخل مع القوم في الميسر. قال الأخطل:

وَشَارِبٍ مُرْبِحٍ بِالكأْسِ نَادَمَنِى … لَا بِالْحَصُورِ وَلَا فِيهَا بِسَئَّارِ «١»

فاستعير لمن لا يدخل في اللعب واللهو. وقد روى أنه مرّ وهو طفل بصبيان فدعوه إلى اللعب فقال: ما للعب خلقت مِنَ الصَّالِحِينَ ناشئا من الصالحين، لأنه كان من أصلاب الأنبياء، أو كائنا من جملة الصالحين كقوله: (وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ) . أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ استبعاد من حيث العادة كما قالت مريم وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ كقولهم: أدركته السنّ العالية. والمعنى أثر فىّ الكبر فأضعفنى، وكانت له تسع وتسعون سنة، ولامرأته ثمان وتسعون كَذلِكَ أى يفعل اللَّه ما يشاء من الأفعال العجيبة مثل ذلك الفعل، وهو خلق الولد بين الشيخ الفاني والعجوز العاقر، أو كذلك اللَّه مبتدأ وخبر، أى على نحو هذه الصفة اللَّه، ويفعل ما يشاء بيان له، أى يفعل ما يريد من الأفاعيل الخارقة للعادات آيَةً علامة أعرف بها الحبل لأتلقى النعمة إذا جاءت بالشكر قالَ آيَتُكَ أَلَّا تقدر على تكليم الناس ثَلاثَةَ أَيَّامٍ وإنما خص تكليم الناس ليعلمه أنه يحبس لسانه عن القدرة على تكليمهم خاصة، مع إبقاء قدرته على التكلم بذكر اللَّه، ولذلك قال: (وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ) يعنى في أيام عجزك عن تكليم الناس، وهي من الآيات الباهرة. فإن قلت: لم حبس لسانه عن كلام الناس؟ قلت:

ليخلص المدّة لذكر اللَّه لا يشتغل لسانه بغيره، توفراً منه على قضاء حق تلك النعمة الجسيمة،


(١) . للأخطل، يقول: رب شارب مشتر للخمر بالثمن الربيح الزائد، نادمنى بالكأس. ويجوز تعلقه بما قبله، ليس حصورا مانعا نفسه من الدخول على القوم في لعب الميسر، ولا سآر على صيغة «فعال» للمبالغة، أى مبقيا في الكأس سؤرا، أى بقية، من أسأر إذا أبقى، وهو شاذ كجبار من أجبر. ويروى بسوار من السورة وهي الوثبة والعربدة، ففي سببية، أى ولا متغير العقل بسببها، ولا عاطفة على مربح، والثانية توكيد، والباء زائدة بعد كل، ونادمنى خبر، فيجوز الرجوع إلى الوصف بعد الاخبار.