للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فيصح لهم الإشراك؟ قلت: لم يعن أن هناك حجة إلا أنها لم تنزل عليهم، لأن الشرك لا يستقيم أن يقوم عليه حجة، وإنما المراد نفى الحجة ونزولها جميعا، كقوله:

وَلَا تَرَى الضَّبَّ بِهَا يَنْجَحِر «١»

[سورة آل عمران (٣) : الآيات ١٥٢ الى ١٥٤]

وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ وَلَقَدْ عَفا عَنْكُمْ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ (١٥٢) إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَالرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ فَأَثابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ لِكَيْلا تَحْزَنُوا عَلى ما فاتَكُمْ وَلا ما أَصابَكُمْ وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٥٣) ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ ما فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (١٥٤)

وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ وعدهم اللَّه النصر بشرط الصبر والتقوى في قوله تعالى: (إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ) ويجوز أن يكون الوعد قوله تعالى: (سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ) فلما فشلوا وتنازعوا لم يرعبهم. وقيل: لما رجعوا إلى المدينة قال ناس من


(١) .
لا تفزع الأرنب أهوالها … ولا ترى الضب بها ينجحر
لابن أحمر. يقول: لا تخفيف الأرنب أهوال تلك الصحراء، أى لا هول فيها حتى يفزعه، فما في البيت كناية عن ذلك، كقوله: ولا ترى الضب فيها يدخل جحره، أى لا ضب فيها ينجحر. و «ينجحر» حال إن كانت ترى بصرية، ومفعول ثانى إن كانت علمية. ويجوز أن المعنى: لا أرنب فيها تفزعه أهوالها، كما لا ضب فيها يدخل حجره، فهما منفيان. وهذا أوفق بالمقدم.