للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالتشديد إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً ما نهاكم عما يضركم إلا لرحمته عليكم. وقيل: معناه أنه أمر بنى إسرائيل بقتلهم أنفسهم ليكون توبة لهم وتمحيصاً لخطاياهم، وكان بكم يا أمة محمد رحيما حيث لم يكلفكم تلك التكاليف الصعبة ذلِكَ إشارة إلى القتل، أى ومن يقدم على قتل الأنفس عُدْواناً وَظُلْماً لا خطأ ولا اقتصاصا. وقرئ (عُدْواناً) بالكسر. ونُصْلِيهِ بتخفيف اللام وتشديدها. و (نُصْلِيهِ) بفتح النون من صلاه يصليه. ومنه شاة مصلية، ويصليه بالياء والضمير للَّه تعالى، أو لذلك، لكونه سببا للصلى ناراً أى ناراً مخصوصة شديدة العذاب وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً لأنّ الحكمة تدعو إليه، ولا صارف عنه من ظلم أو نحوه

[[سورة النساء (٤) : آية ٣١]]

إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلاً كَرِيماً (٣١)

كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ وقرئ: كبير ما تنهون عنه، أى ما كبر من المعاصي التي ينهاكم اللَّه عنها والرسول نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ نمط ما تستحقونه من العقاب في كل وقت على صغائركم، وتجعلها كأن لم تكن، لزيادة الثواب المستحق على اجتنابكم الكبائر وصبركم عنها، على عقاب السيئات. والكبيرة والصغيرة إنما وصفتا بالكبر والصغر بإضافتهما إما إلى طاعة أو معصية أو ثواب فاعلهما «١» . والتكفير: إماطة المستحق من العقاب بثواب أزيد، أو بتوبة.

والإحباط: نقيضه، وهو إماطة الثواب المستحق بعقاب أزيد أو بندم على الطاعة. وعن على رضى اللَّه عنه: الكبائر سبع: الشرك، والقتل، والقذف، والزنا، وأكل مال اليتيم، والفرار من الزحف، والتعرّب بعد الهجرة «٢» . وزاد ابن عمر: السحر، واستحلال البيت الحرام. وعن ابن عباس: أن رجلا قال له: الكبائر سبع؟ فقال: هي إلى سبعمائة أقرب، لأنه لا صغيرة مع الإصرار، ولا كبيرة مع الاستغفار «٣» . وروى إلى سبعين. وقرئ: يكفر، بالياء.

و (مُدْخَلًا) بضم الميم وفتحها، بمعنى المكان والمصدر فيهما.


(١) . قوله «أو ثواب فاعلهما» أى جزائه. ويمكن أن أصل العبارة «ثواب تاركهما» فحرفها الناسخ فلتحرر. (ع)
(٢) . أخرجه الطبري من طريق محمد بن إسحاق عن محمد بن سهل بن خيثمة عن أبيه، قال «إنى لفي هذا المسجد مسجد الكوفة وعلى يخطب» فذكره. وقوله: «وزاد ابن عمر استحلال البيت الحرام، أخرجه أبو داود من طريقه مرفوعا، وأخرجه الثعلبي موقوفا.
(٣) . قال عبد الرزاق، حدثنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه قال قيل لابن عباس: الكبائر سبع. قال: هي إلى السبعين أقرب. وروى الطبري من رواية قيس ابن سعد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس «أن رجلا سأله عن الكبائر أسبع؟ قال: هي إلى سبعمائة أقرب لأنه لا صغيرة......» إلى آخره.