للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنها عقود اللَّه عليهم في دينه من تحليل حلاله وتحريم حرامه وأنه كلام قدم مجملا ثم عقب بالتفصيل وهو قوله أُحِلَّتْ لَكُمْ وما بعده. البهيمة: كلّ ذات أربع في البرّ والبحر، وإضافتها إلى الأنعام للبيان، وهي الإضافة التي بمعنى «من» كخاتم فضة. ومعناه: البهيمة من الأنعام إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ إلا محرّم ما يتلى عليكم من القرآن، من نحو قوله: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ) ، وإلا ما يتلى عليكم آية تحريمه. والأنعام: الأزواج الثمانية. وقيل «بهيمة الأنعام» الظباء وبقر الوحش ونحوها كأنهم أرادوا ما يماثل الأنعام ويدانيها من جنس البهائم في الاجترار وعدم الأنياب، فأضيفت إلى الأنعام لملابسة الشبه غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ نصب على الحال من الضمير في: (لَكُمْ) أى أحلت لكم هذه الأشياء لا محلين الصيد. وعن الأخفش أن انتصابه عن قوله: (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) وقوله وَأَنْتُمْ حُرُمٌ حال عن محلى الصيد، كأنه قيل: أحللنا لكم بعض الأنعام في حال امتناعكم من الصيد وأنتم محرمون، لئلا تحرج عليكم إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ من الأحكام، ويعلم أنه حكمة ومصلحة. والحرم: جمع حرام وهو المحرم.

[[سورة المائدة (٥) : آية ٢]]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ وَلا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلا الْهَدْيَ وَلا الْقَلائِدَ وَلا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ (٢)

الشعائر جمع شعيرة وهي اسم ما أشعر، أى جعل شعاراً وعلما للنسك، من مواقف الحج ومرامي الجمار، والمطاف، والمسعى، والأفعال التي هي علامات الحج يعرف بها من الإحرام، والطواف، والسعى، والحلق، والنحر. والشهر الحرام: شهر الحج. والهدى: ما أهدى إلى البيت وتقرب به إلى اللَّه من النسائك. وهو جمع هدية، كما يقال جدي في جمع جدية السرج «١» .

والقلائد: جمع قلادة، وهي ما قلد به الهدى من نعل أو عروة مزادة، أو لحاء شجر «٢» ، أو غيره.

وآمّوا المسجد الحرام: قاصدوه، وهم الحجاج والعمار. وإحلال هذه الأشياء أن يتهاون بحرمة


(١) . قوله «يقال جدي في جمع جدية السرج» في الصحاح: الجدية- بتسكين الدال: شيء محشو يجعل تحت دفتي السرج والرحل. والجمع جدي وجديات. (ع)
(٢) . قوله «أو لحاء شجر» أى قشر اه. (ع)