للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هو: عليما حكيما. وإذا قال عليما حكيما، كتب: غفورا رحيما. فلما نزلت وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ إلى آخر الآية، عجب عبد الله من تفصيل خلق الإنسان: فقال تبارك الله أحسن الخالقين. فقال عليه الصلاة والسلام اكتبها: فكذلك نزلت، فشك عبد الله وقال: لئن كان محمداً صادقاً لقد أوحى إلىّ مثل ما أوحى إليه. ولئن كان كاذباً فلقد قلت كما قال، فارتدّ عن الإسلام ولحق بمكة، ثم رجع مسلماً قبل فتح مكة «١» . وقيل: هو النضر بن الحرث والمستهزءون وَلَوْ تَرى جوابه محذوف، أى رأيت أمراً عظيما إِذِ الظَّالِمُونَ يريد الذين ذكرهم من اليهود والمتنبئة، فتكون اللام للعهد. ويجوز أن تكون للجنس فيدخل فيه هؤلاء لاشتماله. وغَمَراتِ الْمَوْتِ شدائده وسكراته، وأصل الغمرة: ما يغمر من الماء «٢» فاستعيرت للشدّة الغالبة باسِطُوا أَيْدِيهِمْ يبسطون إليهم أيديهم يقولون: هاتوا أرواحكم أخرجوها إلينا من أجسادكم. وهذه عبارة عن العنف في السياق، والإلحاح، والتشديد في الإرهاق، من غير تنفيس وإمهال، وأنهم يفعلون بهم فعل الغريم المسلط يبسط يده إلى من عليه الحق، ويعنف عليه في المطالبة ولا يمهله، ويقول له: أخر إلىّ مالى عليك الساعة، ولا أريم «٣» مكاني، حتى أنزعه من أحداقك. وقيل. معناه باسطو أيديهم عليهم بالعذاب «٤» أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ خلصوها من أيدينا، أى لا تقدرون على الخلاص الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ يجوز أن يريدوا وقت الإماتة وما يعذبون به من شدة النزع، وأن يريدوا الوقت


(١) . أخرجه الواحدي عن الكلبي عن أبى صالح عن ابن عباس إلى قوله «فارتد عن الإسلام» وقد رواه الطبري مختصرا من رواية أسباط عن السدى من قوله تعالى وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً- الآية قال:
نزلت في عبد الله بن سعد بن أبى سرح. أسلم وكان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم، فكان إذا أملى عليه سميعا عليما كتب هو عليما حكيما وإذا قال عليما حكيما كتب سميعا عليما. فشك وكفر، وقال: إن كان محمد يوحى إليه فقد أوحى إلى، وإن كان الله ينزله فلقد أنزلت مثل ما أنزل الله. فلحق بالمشركين «تنبيه» قوله القرظي غلط بين فان ابن أبى سرح قرشي عامرى. قوله «ثم رجع مسلما قبل فتح مكة. قوله وقيل: هو النضر بن الحارث «فائدة» روى أن هذه القصة كانت لابن خطل. أخرج ابن عدى في ترجمة أصرم بن حوشب أحد المتروكين من حديث على، قال «كان ابن خطل يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم فكان إذا نزل غفور رحيم كتب رحيم غفور- فذكر الحديث.
وفيه: ثم كفر ولحق بمكة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: من قتل ابن خطل فله الجنة» وأخرجه ابن الجوزي في الموضوعات من هذا الوجه. ونقل عن ابن معين تكذيب أصرم.
(٢) . قال محمود: «أصل الغمرة ما يغمر من الماء فاستعيرت للشدة الغالبة … الخ» قال أحمد: هو يجعله من مجاز التمثيل، ولا حاجة إلى ذلك. والظاهر أنهم يفعلون معهم هذه الأمور حقيقة على الصور المحكية، وإذا أمكن البقاء على لحقيقة فلا معدل عنها.
(٣) . قوله «ولا أريم مكاني» أى أبرح. وفي الصحاح: رامه يريمه أى برحه. (ع) [.....]
(٤) . عاد كلامه. قال: «وقيل معناه باسطو أيديهم عليهم بالعذاب … الخ» قال أحمد: ومثله وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ.