للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كأساً بشرط أن يكون فيها خمر. والضأن والمعز جمع ضائن وما عز، كتاجر وتجر. وقرئا بفتح العين. وقرأ أبىّ. ومن المعزى. وقرئ: اثنان، على الابتداء.

الهمزة في آلذَّكَرَيْنِ للإنكار والمراد بالذكرين: الذكر من الضأن والذكر من العز.

وبالأنثيين: الأنثى من الضأن والأنثى من المعز، على طريق الجنسية. والمعنى إنكار أن يحرّم الله تعالى من جنس الغنم ضأنها ومعزها شيئا من نوعي ذكورها وإناثها، ولا مما تحمل إناث الجنسين، وكذلك الذكران من جنسى الإبل والبقر، والأنثيان منهما وما تحمل إناثهما، وذلك أنهم كانوا يحرّمون ذكورة الأنعام «١» تارة، وإناثها تارة، وأولادهما كيفما كانت ذكوراً وإناثاً، أو مختلطة تارة، وكانوا يقولون قد حرّمها الله، فأنكر ذلك عليهم نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ أخبرونى بأمر معلوم من جهة الله تعالى يدل على تحريم ما حرّمتم إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ في أنّ الله حرّمه أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ بل أكنتم شهداء. ومعنى الهمزة الإنكار، يعنى أم شاهدتم ربكم حين أمركم بهذا التحريم؟ وذكر المشاهدة على مذهبهم، لأنهم كانوا لا يؤمنون برسول وهم يقولون: الله حرّم هذا الذي نحرّمه، فتهكم بهم في قوله أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ على معنى: أعرفتم التوصية به مشاهدين، لأنكم لا تؤمنون بالرسل فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فنسب إليه تحريم ما لم يحرّم لِيُضِلَّ النَّاسَ وهو عمرو بن لحى بن قمعة الذي بحر البحائر وسيب السوائب.

[[سورة الأنعام (٦) : آية ١٤٥]]

قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (١٤٥)

فإن قلت: كيف فصل بين بعض المعدود وبعضه ولم يوال بينه؟ قلت: قد وقع الفاصل بينهما اعتراضا غير أجنبى من المعدود. وذلك أنّ الله عزّ وجلّ منّ على عباده بإنشاء الأنعام لمنافعهم وبإباحتها لهم، فاعترض بالاحتجاج على من حرّمها، والاحتجاج على من حرّمها تأكيد وتسديد للتحليل، والاعتراضات في الكلام لاتساق إلا للتوكيد فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ تنبيه على أنّ التحريم إنما يثبت بوحي الله تعالى وشرعه، لا بهوى الأنفس مُحَرَّماً طعاماً محرّماً من المطاعم التي حرّمتموها إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً إلا أن يكون الشيء المحرّم ميتة أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أى مصبوباً سائلا، كالدم في العروق، لا كالكبد والطحال. وقد رخص في دم العروق بعد الذبح


(١) . قوله «ذكورة الأنعام» يجمع الذكر على ذكارة كحجارة، وذكور وذكران. هذا ما في الصحاح، لكن عبارة النسفي كعبارة المصنف، فحرر. (ع)