للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اثَّاقَلْتُمْ تثاقلتم. وبه قرأ الأعمش، أى تباطأتم وتقاعستم. وضمن معنى الميل والإخلاد فعدى بإلى. والمعنى: ملتم إلى الدنيا وشهواتها وكرهتم مشاق السفر ومتاعبه، ونحوه: أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ وقيل: ملتم إلى الإقامة بأرضكم ودياركم: وقرئ اثاقلتم؟ على الاستفهام الذي معناه الإنكار والتوبيخ. فإن قلت: فما العامل في «إذا» وحرف الاستفهام مانعة أن يعمل فيه «١» ؟ قلت: ما دلّ عليه قوله اثَّاقَلْتُمْ أو ما في ما لَكُمْ من معنى الفعل، كأنه قيل: ما تصنعون إذا قيل لكم كما تعمله في الحال إذا قلت: مالك قائماً، وكان ذلك في غزوة تبوك في سنة عشر بعد رجوعهم من الطائف، استنفروا في وقت عسرة وقحط وقيظ مع بعد الشقة وكثرة العدو، فشق عليهم. وقيل: ما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة إلا ورّى عنها بغيرها إلا في غزوة تبوك «٢» ليستعدّ الناس تمام العدة مِنَ الْآخِرَةِ أى بدل الآخرة كقوله: لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً

. فِي الْآخِرَةِ في جنب الآخرة إِلَّا تَنْفِرُوا سخط عظيم على المتثاقلين «٣» حيث أوعدهم بعذاب أليم مطلق يتناول عذاب الدارين، وأنه يهلكهم ويستبدل بهم قوما آخرين خيراً منهم وأطوع، وأنه غنى عنهم في نصرة دينه، لا يقدح تثاقلهم فيها شيئاً: وقيل: الضمير للرسول: أى ولا تضروه، لأنّ الله وعده أن يعصمه من الناس وأن ينصره، ووعد الله كائن لا محالة، وقيل يريد بقوله قَوْماً غَيْرَكُمْ أهل اليمن. وقيل: أبناء فارس، والظاهر مستغن عن


(١) . قوله «وحرف الاستفهام» لعله: وأحرف الاستفهام، بدليل قوله «مانعة» . وقوله «أن يعمل فيه» لعله: أن يعمل فيه «اثاقلتم» . (ع)
(٢) . متفق عليه من حديث كعب بن مالك.
(٣) . قال محمود: «في هذه الآية سخط عظيم على المتثاقلين حيث أوعدهم عذابا أليما … الخ» قال أحمد: ويقرب إعادة الضمير إلى الرسول أن الضمير في قوله إِلَّا تَنْصُرُوهُ عقيب ذلك عائد إليه اتفاقا، والله أعلم.