للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمراعاة أن حشمة الرسول صلّى الله عليه وسلّم بغاية ما يتسع فى الإمكان. فكانوا بحضرته كأنّ على رءوسهم الطير. قال تعالى: «تُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ» وحسن الأدب- فى الظاهر- عنوان حسن الأدب مع الله فى الباطن.

قوله جل ذكره:

[[سورة البقرة (٢) : آية ١٠٩]]

وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (١٠٩)

من لحقه خسران الفهم من أصحاب الغفلة ودّ ألا يطلع لأحد بالسلامة نجم، ومن اعتراه الحسد أراد ألا تنبسط على محسوده شمس.

وكذلك كانت صفات الكفار، فأرغم الله أنفهم، وكبّهم على «١» وجوههم.

والإشارة من هذا إلى حال أصحاب الإرادة فى البداية إذا رغبوا فى السلوك، فمن لم يساعده التوفيق (فى الصحبة، وعاشر أناسا مترسّمين بالظواهر) «٢» فإنهم يمنعون هؤلاء من السلوك ولا يزالون يخاطبونهم بلسان النصح، والتخويف بالعجز والتهديد بالفقر حتى ينقلوهم إلى سبيل الغفلة، ويقطعوا عليهم طريق الإرادة، أولئك أعداء الله حقا، أدركهم مقت الوقت.

وعقوبتهم حرمانهم من أن يشموا شيئا من روائح الصدق.

«فاعفوا واصفحوا ... » فسبيل المريد أن يحفظ عن الأغيار سرّه، ويستعمل مع كل أحد ضلة «٣» ، ويبذل فى الطلب رفعة «٤» ، فعن قريب يفتح الحق عليه طريقه.


(١) فى النسخة ص (وكبهم لوجوههم) وقد آثرنا عليها (على وجوههم) .
(٢) أصلحنا فى هذه العبارة قليلا لكى يتضح معناها طبقا لوصايا القشيري للمريدين فى «رسالته»
(٣) هكذا وردت فى (ص) وقد نقلناها كما جاءت، وربما كانت فى الأصل (خلة) بمعنى الصفة اى أن يحافظ على سره مع ربه عن طريق اتصافه مع صحبته بصفات ملائمة. تضمن أن يكون سره محفوظا
(٤) ربما كانت فى الأصل (ويبذل فى الطلب وسعه) .

<<  <  ج: ص:  >  >>