للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقال العالم يرجع إلى الله فى المعاملات والعبادات، وإذا اشتكلت الواقعة فيخبر عن اجتهاده، وشرطه ألا يكون مقلدا، ويكون من أهل الاجتهاد، فإذا لم يخالف النصّ وأدى اجتهاده إلى شىء ولم يخالف أصلا مقطوعا بصحته وجب قبول فتواه، وأمّا الحكيم فإذا تكلم فى المعاملة فإنما يقبل منه إذا سبقت منه المنازلة لما يفتي به فإن لم تتقدم له من قبله المنازلة فتواه فى هذا الطريق كفتوى المقلّد فى مسائل الشرع.

فأمّا العارف فيجب أن يتكلم فى هذا الطريق عن وجده- إن كان- وإلا فلا تقبل فتواه، ولا تسمع «١» .

قوله جل ذكره:

[[سورة الأنبياء (٢١) : آية ٨]]

وَما جَعَلْناهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعامَ وَما كانُوا خالِدِينَ (٨)

لمّا عيّروا الرسول- عليه السلام- بقولهم: ما لهذا الرسول يأكل الطعام؟. أخبر أن أكل الطعام ليس بقادح فى المعنى الذي يختص به الأكابر، فلا منافاة بين أكل الطعام وما تكنّه القلوب والسرائر من وجوه التعريف.

ويقال النفوس لا خبر لها مما به القلوب، والقلب لا خبر له مما تتحقق به الروح وما فوق الروح وألطف منه وهو السرّ.

قوله: «وَما كانُوا خالِدِينَ» : أي إنهم على ممر ومعبر، ولا سبيل اليوم لمخلوق إلى الخلد.

قوله جل ذكره:

[[سورة الأنبياء (٢١) : آية ٩]]

ثُمَّ صَدَقْناهُمُ الْوَعْدَ فَأَنْجَيْناهُمْ وَمَنْ نَشاءُ وَأَهْلَكْنَا الْمُسْرِفِينَ (٩)

الحقّ- سبحانه- يحقّق وعده وإن تباطأ بتحقيقه الوقت فيما أخبر أنه يكون.

والموعود من نصرة الله لأهل الحق إنما هو بإعلاء كلمة الدّين، وإرغام من نابذ الحقّ من الجاحدين، وتحقيق ذلك بالبيان والحجة، وإيضاح وجه الدلالة، وبيان خطأ أهل الشبهة.


(١) فهم هذه الإشارة فى توصية الشيوخ إذا استفتاهم المريدون، كما فهم فى توضيح ما يمكن أن نسميه «أصول الفقه عند الصوفية» .

<<  <  ج: ص:  >  >>