للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقال فظنّ أن لن نقدر عليه من حبسه فى بطن الحوت.

وخرج من بين قومه لمّا أخبر بأنّ الله يعذّب قومه، وخرج بأهله.

ويقال إن السبع افترس أهله فى الطريق، وأخذ النّمر ابنا صغيرا له كان معه، وجاء موج البحر فأغرق ابنه الآخر، وركب السفينة، واضطرب البحر، وتلاطمت أمواجه، وأشرفت السفينة على الغرق، وأخذ الناس فى إلقاء الأمتعة فى البحر تخفيفا عن السفينة، وطلبا لسلامتها من الغرق، فقال لهم يونس: لا تلقوا أمتعتكم فى البحر بل اطرحوني فيه فأنا المجرم فيما بينكم لتخلصوا. فنظروا إليه وقالوا: نرى عليك سيماء الصلاح، وليست تسمح نفوسنا بإلقائك فى البحر، فقال تعالى مخبرا عنه: «فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ»

«١» أي فقارعهم، فاستهموا، فوقعت القرعة عليه.

وفى القصة أنه أتى حرف السفينة، وكان الحوت فاغزا فاه، فجاء إلى الجانب الآخر فجاء الحوت إليه كذلك، حتى جاز كل جانب. ثم لمّا علم أنه مراد بالبلاء ألقى نفسه فى الماء فابتلعه الحوت «وَهُوَ مُلِيمٌ» : أي أتى بما يلام عليه، قال تعالى: «فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ» «٢» .

وأوحى الله إلى السمك: لا تخدش منه لحما ولا تكسر منه عظما، فهو وديعة عندك وليس بطعمة لك. فبقى فى بطنه- كما فى القصة- أربعين يوما.

وقيل إن السمك الذي ابتلعه أمر بأن يطوف فى البحر، (وخلق الله له إدراك ما فى البحر) «٣» ، وكان ينظر إلى ذلك.

ويقال إن يونس عليه السلام صحب الحوت أياما قلائل فإلى القيامة يقال له: ذا النون، ولم تبطل عنه هذه النسبة.. فما ظنّك بعبد عبده- سبحانه- سبعين سنة، ولازم قلبه محبته ومعرفته طول عمره.. ترى أيبطل هذا؟ لا يظنّ بكرمه ذلك! «فَنادى فِي الظُّلُماتِ ... » يقال ظلمة الليل وظلمة البحر وظلمة بطن الحوت- هذا بيان


(١) آية ١٤١ سورة الصافات
(٢) آية ١٤٢ سورة الصافات
(٣) موجودة فى م ومفقودة فى ص

<<  <  ج: ص:  >  >>