للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحنيف المائل إلى الحق عن الباطل فى القلب والنّفس، فى الجهر وفى السّرّ، فى الأفعال وفى الأحوال وفى الأقوال «غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ» : الشّرك جلىّ وخفىّ «١» .

قوله «وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّما ... » كيف لا.. وهو يهوى فى جهنم وتتجاذبه ملائكة العذاب؟ أو تهوى به الريح من مكان سحيق.. وكذلك غدا فى صفة قوم يقول الله تعالى:

«نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ» «٢» .

قوله جل ذكره:

[[سورة الحج (٢٢) : آية ٣٢]]

ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ (٣٢)

يقف المؤمن على تعيين شعائر الله وتفصيلها بشهادة العلم جهرا، وبخواطر الإلهام سرّا.

وكما لا تجوز مخالفة شهادة الشرع لا تجوز مخالفة شهادة خواطر الحق فإنّ خاطر الحقّ لا يكذب، وعزيز من له عليه وقوف. وكما أنّ النّفس لا تصدق فالقلب لا يكذب، وإذا خولف القلب عمى فى المستقبل، وانقطعت عنه تعريفات الحقيقة، والعبارة «٣» والشرح يتقاصران عن ذكر هذا على التعيين والتفسير. ويقوى القلب بتحقيق المنازلة فإذا خرست النفوس، وزالت هواجسها، فالقلوب تنطق بما تكاشف به من الأمور.

ومن الفرق بين ما يكون طريقه العلم وما طريقه من الحق أن الذي طريقه العلم يعلم صاحبه أولا ثم يعمل مختارا، وما كان من الحق يجرى ويحصل ثم بعده يعلم من جرى عليه


(١) الشرك الجلى معروف أما الشرك الخفي فهو أن ينازعه منازع فى قلبك من هوى أو حظ أو علاقة تنأى بك عنه.
(٢) آية ٦٧ سورة التوبة. [.....]
(٣) فى م وص (والعبادة) وقد رأينا أن تكون (العبارة) بالراء أي أن التعبير عن ذلك بالكلام والشرح قاصر

<<  <  ج: ص:  >  >>